حوار بين عاشقين للوطن

د. سامر الجمالي وطلال الإمام:

هذا الحديث ليس افتراضياً وإنما جرى حقيقة بين شخصين تبعدهما الجغرافيا ويقربهما عشق الوطن.

قال الأول:

حتى أحلامنا الصغيرة بل والصغيرة جداً تغدو مستحيلة، يا صديقي.. حتى أحلامنا.. أحلام عادية لمخلوق يطمح لبيت يقضي فيه ما تبقّى من العمر ومن ثم لقبر يضم رفاته في وطن يعشقه..

حتى هذا الحلم يبدو سراباً. عجباً لا يطمح لأكثر من مأوى وفنجان قهوة أو كأس مع من يحب هل هذا بكثير؟

الكثير من الطيور تهاجر من بلد إلى آخر ثم تعود لعشها الأول.

الشجرة التي جذرها ضارب في عمق أرض بقعة اسمها (وطن) لن تزهر في تربة أخرى مهما كان نوع السماد.

أحلامنا بصباح فيروزي على شاطئ بحر دافئ أو على قمة جبل او تلة تشرف على حقل قمح.

حتى تلك الأحلام، تبدو بعيدة المنال.

هل نطلب المستحيل؟ هل هذا ثمن عشقنا؟

متهم أنا بالأمل والتفاؤل.. نعم وسأبقى.. تهمة لا أنكرها رغم كل السحب السوداء المحيطة.

أحب أن أنهي هذا الذي اسمه (عُمر) كما أاشتهي (فيروز في الصباح وأم كلثوم في الليل) والتسكع في حارات وشوارع لا تفارقني.. هل هذا كثير؟ أو غير واقعي؟

متعب أنا بهذا العشق والأمل يا صديقي (بين الأمل واليأس شعرة).

تبحر في بحر أحلامك البسيطة وأنت جالس قرب شاطئ الحياة تتقاذفك أمواج عاتية، مشلول الفعل وأنت ترى أحلامك تتلاشي كزبد البحر.

النيران تحاصرنا ونيرونات الحرب والفساد لا يسمعون آهات الناس ولا يرون عذاباتهم!؟

(شيء ما يجثم على أنفاسي.. افتحوا النوافذ).

أجابه العاشق الثاني:

هو ذلك التيه الذي خضناه منذ نعومة أظافرنا. لم نرَه إلا في مخيلتنا، فحملناه بسهولة في بلاد المغترب. البعض تخلى عنه ليرتاح واهماً، ولم يجد فيروزاً له في صباح الغربة ولا قهوةً يغوص في رائحتها في مقاهي المغترب.

أنت حملته خفيفاً، لكنه أضحى ثقيلاً. حملته حلماً صغيراً فأصبح سراباً ثقيلاً.

أنت لم تغادر سورية وتلك مشكلتك الوجدانية. تتكلم باسمها وتكتب لها وتناضل من أجلها.

تستحق هي؟

نعم، لكن، مازالت سراباً.

هل ضاع العمر سدى؟

لا أنت ربحت ذاتك.

أحلام صغيرة؟

بيت، عمل، أسرة، تلك حقوق كل فرد ضمن أي وطن وليست عطاء أو مكتسب.

أنت؟ أنا؟ كل من يحمل بلده بداخله،

(ذلك صليبك) فلنبقَ متفائلين، فبذلك مبعث الأمل يا صديقي.

لا تحزن لما يجري، أنك فهمت ولم تنكسر، ذلك هو (الوطن).

أجابه: عاش الوطن حراً سيداً وعادلاً.

العدد 1102 - 03/4/2024