طارق المعصراني.. ستبقى ذكراك مضيئة!

طلال الإمام:

منذ أن وطئت قدماي موسكو للالتحاق بالجامعة منتصف سبعينيات القرن الماضي تعرفت عليه كنت أحمل له بعض الحاجات من أقربائه الذين يقطنون المدينة والحي ذاته.. كنا جيران.

منذ اللقاء الأول نشأت بيننا علاقة أكثر من صداقة، جمعنا الهمّان الوطني والأممي، عن طريقه تعرفت على الكثير من الأماكن في موسكو. بيته كان في شارع يسمى أوتوستراد السلام (براسبيكت ميرا). كنا نلتقي بشكل دوري عنده أو عند الناقد السينمائي المرحوم سعيد مراد.

عندما حان موعد تخرجي في الجامعة لم أكن أملك طقماً لحفل التخرج بسبب ضيق الحال، فقدّم لي كهدية (طقم بيج مع قميص وكرافة مناسبة). جميل المعشر، سريع البديهة، كيف لا وهو الحمصي الأصيل؟! واسع الثقافة، متواضع ومبدئي. كان يضفي على أية جلسة معه جواً من الفرح والبهجة، لكأس الفودكا معه نكهة خاصة، نديم من الدرجة الأولى. اشتغل في مجال الترجمة عدة عقود في مؤسسات سوفيتية/ روسية، وكان واحداً من خيرة المترجمين عّن الروسية، انقطع التواصل المباشر بيننا بسبب مغادرتي موسكو، لكن كنت أستفسر عن أحواله من الأصدقاء المشتركين الشاعر أيمن أبو الشعر (الذي كان في السنوات الاخيرة يقيم في البناية ذاتها مع المرحوم طارق) ورعد ميخائيل.

كنت في السنوات الاخيرة ألتقيه في كل زيارة لموسكو، لم يتغير قط، لم يبع تاريخه كمناضل يساري، انتقد بيريسترويكا غورباتشوف، وكان مع وطنه الأول سورية في أزمته الأخيرة. مبدئي كحد السيف رغم روح الدعابة التي لم تكن تغادره في كل جلسة تجمعنا، الحديث يدور عن شيخ المترجمين طارق المعصراني، الذي وافته المنية البارحة (28/11/2021) كان خبراً صاعقاً ومحزناً عندما علمت بوفاته من الصديق أيمن أبو الشعر، أكاد لا أصدق أنني لن ألتقيه في زيارتي القادمة لموسكو، حزنت لوفاته، لكنها دورة الحياة.

العزيز طارق. نم قرير العين! ستغيب عنا جسداً فقط، لكنك باقٍ في أفئدتنا!

لروحك السلام ولنا العزاء.

 

العدد 1102 - 03/4/2024