تصريحات بالكيلو دون رقابة حماية المستهلك

السويداء- معين حمد العماطوري:

بدأت التصريحات الوزارية معيار وزنها بالكيلو دون رقابة عليها وانعكاس نتائجها على قيم الاستهلاك، يقيناً كلام من أجل الكلام…

المثل الشعبي يقول: (يا فرحة ما تمّت)! فما إن علم وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بمهامه وقبل تسلمها رسمياً بدا من منقذي الاقتصاد ويسعى لتحسين الوضع المعيشي، لأنه جاء على خلفية تقنية وعقل تكنولوجي وتجربة معلوماتية ذكية متطورة في كشف عيوب العمل التقليدي، معتمداً على التحليل والاستنتاجات والرؤية الاستراتيجية بمنهجية الدول المتقدمة صناعياً وتقنياً.. بحيث لم ينتظر أداء القسم الوزاري حتى بدأ بالتصريحات وفق الأوزان بالكيلو طامحاً نحو الأطنان.. ونحن استبشرنا خيراً بالإصلاح…ولكن سرعان ما تبدّدت الفرحة، لأن الوزير بعد أيام قليلة من جلوسه وراء طاولته، تأخذه مكننة العمل ويذوب كالثلج ولو كان صخراً قاسياً.

تصريحات تتضمن توفير الاحتياجات اليومية للمواد التموينية (سكر ورز وشاي وزيت وغيرها وغاز منزلي ومحروقات بأنواعها)، لكن الشتاء جاء ولا أمل في الحصول على الخمسين ليتر مازوت التدفئة، خاصة أن السويداء بقراها الحدودية تمتاز ببردها القارس، والتصريحات ذات الأوزان العالية بالكيلوات تؤكد أن المواطن سيحصل على 400 ليتر مازوت تدفئة، والوعد على لوح الثلج لأنه جاء في شهري آب وتموز، يعني ذاب مع الحرارة المرتفعة، ولذلك الأمل مفقود.

آراء اقتصادية علمية حذرت من خطر رفع أسعار الغاز والمازوت ومدى انعكاسه سلباً على المستهلك، ولكن عقل القرار لا يأخذ إلا بما يريد.. والتنظير العلمي أصبح كما يقال بالعرف الاجتماعي (طق حنك).

بعد صدور قرار زيادة أسعار المازوت والغاز الصناعي المرافق بتصريح عدم انعكاس أسعاره على المستهلك بل خفض الأسعار المتداولة محدداً سعر أسطوانة الغاز المنزلي سعة 10 كيلو بقيمة 30600 ل.س وأسطوانة سعة 16 كغ صناعي بـ 49000 ليرة ولا تطبق هذه الأسعار على أسطوانات الغاز الموزعة عبر البطاقة الذكية.

ولنفرض جدلاً أننا وافقنا على ذلك، فهل يمكن ان تساعدنا الوزارة بحل المعادلة التالية كوننا كشعب مستهلك لا نجيد لغة الحساب والمحاسبة بل الاستقبال والقبول للتردد الثابت، عبر بطاقتكم الذكية ذات التحول العكسي بمضمرها الحسابي:

كيف سعرت أسطوانة الغاز سعة 10 كيلو بمبلغ 30600 ل.س؟ وهل المواطن الذي ينتظر حتى تصله الأسطوانة بموجب البطاقة الذكية ما بين 60 -70 يوماً، فهل تكفيه أسطوانة الغاز المنزلي بالسعر المدعوم؟ ولو أردنا تسخين إبريق الشاي يومياً لاحتاج المواطن لأسطوانة الغاز كل 25 يوماً، فما بالك بالطبخ وغيره من الاستهلاك ولأكثر من 60 يوماً وسطياً، أما الأسطوانة سعة 16 كيلو بقيمة 49000 ل.س فهي غاز الصناعي.. وهذا يدفعنا إلى شراء أسطوانة من خارج البطاقة الذكية أي بسعر 30600 ل.س هذا سعركم وما يترتب عليه من تكاليف أخرى يصبح الحد الأدنى 32000 ل.س، إذاً أنتم تسعون لرفع ما تسمونه دعماً ولكنه دعم بالتصريحات الوهمية.

معادلة ثانية: الزيت يدخل عبر المرافئ بكلفة لا تتجاوز 1300 ل. س ويباع بالأسواق 10 آلاف ليرة.. وتصريح وزارة التجارة بـ 7200 ل. س واحترنا يا أقرع.. لم نقل السكر الحر لكل بطاقة 4 كيلو بسعر 2200 ل.س بوعد توفيره… إذاً نحن نعيش بوهم تصريحاتكم على الكيلو.

كيف سينعكس إيجاباً على خفض تكاليف الإنتاج وانخفاض الأسعار على المستهلك، والقوة الشرائية بأقل مستواها؟

أليس ذلك مؤشراً لتشجيع السوق السوداء بدل قمعها، والمستغرب اعتراف الحكومة بها؟

لماذا لا تُحاسَب الحكومة التي أوصلت عجز الموازنة العامة بفوارق عامين إلى ما نحن عليه، بدل تعويض عجزها من قوت الناس، واعدة بمكافحة الفساد وهي تمارسه؟

العدد 1102 - 03/4/2024