الحيوانات الأليفة.. أيّ تعويض تقدّم؟

ريم داود:

مراسم عزاء، دفن، وانهيارات نفسية وجسدية بسبب فقدان أو خسارة أحد الأفراد لحيوانه المدلل. اعتداءات، سرقة، وانتقام يقوم به أصحاب تلك الحيوانات في حال تمّ التخلّص من حيواناتهم المدللة. وعلى النقيض تماماً نجد حالات هلع وخوف شديد من رؤية تلك الحيوانات أو الاقتراب منها. قصص وروايات تُقصُّ على مسامعنا ويبقى الفيصل في أمور كهذه مقولة (خير الأمور أوسطها).

(م. س) شاب في العقد الثاني من العمر، يقضي سنة ونصف السنة في السجن بسبب كلابه، ويروي ذلك الشاب كيف انتقم من عمّه الذي تخلّص من كلابه المُدلّلة وسرق له مصاغه ونقوده وقام برميها على قارعة الطريق عقاباً له. ويتابع الشاب إن عمّه بعد أن أصيب بأزمة قلبية توجّه للنيابة العامة وأدلى بشهادته موجهاً دعوى سرقة واقتحام منزل خلسة تجاه الشاب، الذي يقضي الآن محكوميته داخل جدران الزنزانة.

*هوس تربية الحيوانات الاليفة: هي القطة بنتي، هذا الكلب واحد من العيلة متلو متلنا، أنا تبنّيت قطتي تبنّي وما بسمح لحدا يوجّهلا أيّ إزعاج …إلخ.

تجتاح تربية الحيوانات عدداً كبيراً من البيوت، لكن ما هي أسبابها؟ وما الدافع الكامن خلف اقتنائها داخل المنزل؟ ما الهدف من حيوان يأكل ويشرب وينام ويتبرّز داخل منزل من المفترض أنه مخصّص للبشر؟ هل هو هروب من الوحدة؟ أم أنه افتقار للصداقة الحقيقية من البشر الذي دفع بالكثيرين للبحث عنها لدى حيواناتهم المدللة؟

يؤكّد أصحاب هذه الحيوانات أن اقتناءهم لها نابع عن رغبة وقناعة بأن هذه الحيوانات خير صديق، فهي تضفي مزيداً من مشاعر الرحمة على صاحبها، كما أنها مصدر أنس وسعادة لهم في وقت الحزن والوحدة، لكن الغريب في الأمر أن معظمهم يجدون في حيواناتهم الأليفة ذكاء يشابه ذكاء الإنسان، ومن المرجّح أن يعود هذا الشعور للترويض أو الاعتياد. أما السؤال الأهم فهو هل يسعى الأفراد لتربيتهم داخل منازلهم لأنهم يعانون افتقاراً أو فراغاً عاطفياً أو اجتماعياً؟ أم أنهم يبحثون عمّن يشغل حيّزاً ملموساً في حياتهم؟ أما اللافت في الأمر فهو وفقاً لدراسة أُجريت في مستشفى تورث وسترن في شيكاغو تبيّن أن علاقة وثيقة بين تربية الكلاب وفقدان الوزن، مؤكّدين أن الكلاب تدفع صاحبها لممارسة المشي اليومي. وفي دراسة أخرى تبيّن أن رفقة حيوان ما تساعد على التقليل من التوتر وتخفيف القلق، وأن الروتين اليومي للحيوان يدفع بصاحبه إلى الالتزام بإطعامه والخروج به للتنزه. وحسب قسم شؤون المحاربين في الولايات المتحدة الأمريكية تمّ استخدام الكلاب لعلاج اضطراب ما بعد الصدمة عند الجنود والموظفين الذين عملوا في مناطق متأجّجة بالنزاع، فقد قُرن ٢٢٧ شخصاً مع كلاب مدربة، ١٥٣ منهم استفادوا وانخفضت لديهم معدلات الرغبة بالانتحار، في حين بيّنت الدراسات أن اقتناء الطفل لحيوان أليف يوفّر له القدرة على تكوين علاقات وديّة مع الآخرين، كما يساعده في إثبات ذاته وتوكيدها.

في نهاية المطاف يبقى الأمر نسبياً، فكما ذكرنا سابقاً خير الأمور أوسطها، فلا ضير في تربية حيوان أليف، لكن الأهم من ذلك أن يدرك صاحب ذلك الحيوان أنه مجرّد حيوان وليس فرداً من العائلة، كما لا يمكن إطلاق صفة التبني عليه.

العدد 1102 - 03/4/2024