عقبة أمام عجلة التطور
وعد حسون نصر:
نعم، الفقر لأنه من أشدّ الآفات التي تلتهم الإنسان والإنسانية في العالم أجمع، فهو يبعدنا عن السلوكيات السليمة، وبالتالي يضطرنا لمدِّ يدنا لممتلكات الغير، كما أنه عدو الأمم بسعيها للتقدم، والوحش الذي يلتهم طموحنا ليجعل منّا أشباه أحياء عاجزين عن النهوض بفكرنا، عاجزين عن التحليق بإبداعاتنا، لأننا مكسورو الجناح مُكبّلون بقيوده وعوزه، لذا من الطبيعي أن نسعى أفراداً ومجتمعات وأمماً بمنظماتها للتصدي لهذا الطاعون الفتّاك قبل أن يسحق ما بقي من صرح الفكر فينا، ربما تجتمع أسباب كثيرة وراء الفقر ليكون أهمها الحروب، فبسبب الحرب في بلادنا غابت مختلف المواد الأساسية والضرورية، وبات الحصول عليها أمراً صعباً وخاصةً بسب احتكار بعض التجّار لهذه المواد لتصريفها بأسعار باهظة بعد فقدانها وكثرة الطلب عليها، كذلك الحصار الذي تفرضه الدول المهيمنة على دول أخرى بسبب الحروب أو الديون أو ما شابه، هو عامل مهم بنقص السلع وخاصة ذات المنشأ الخارجي، كذلك ضعف الاهتمام بالعلاقات الودية والتجارية مع دول الجوار والدول الأخرى، ولا ننسى أيضاً عدم الاهتمام بالزراعة والموارد الطبيعية، فنرى تغييباً لكثير من المنتجات الزراعية التي تعتبر سلعاً أساسية سواء مباشرة أو بعد التصنيع، كذلك عدم الاهتمام بالمشاريع الصغيرة الفردية التي تقوم على توفير سلع غذائية كصناعة الألبان وتربية الدواجن، وقلّة الاهتمام بتخزين بعض المواد الغذائية كنوع من أنواع المؤونة وخاصة بالمنازل.
أسباب كثيرة جداً تجتمع خلف الفقر لتدفعه للأمام، وأهمها أيضاً الجهل والتمييز بين الرجل والمرأة، وعدم الاهتمام بالتعليم، فيصبح الفكر متحجّراً، وبالتالي يصعب على الفرد تطوير ذاته بالعلم ليتمكّن من القضاء على الفقر ومخلفاته. لذا علينا أفراداً ومؤسّسات اجتماعية تابعة للدولة ولمنظمات دولية، والصناعيين والفلاحين والعمال وأصحاب المنشآت الصناعية والتجارية، أن نسعى للعمل على تطوير المجتمع والنهوض به من عجزه وفقره بتأمين العمل الذي يتناسب مع مؤهلات وقدرات كل شخص. كذلك تحقيق الاستقرار المادي الذي يضمن للجميع الحياة الكريمة، أيضاً هناك ضرورة القضاء على الفقر، وخاصة في بيوت المسنين الذين تركتهم الحياة دون معيل، فلابدّ من تخصيص مردود يحقّق لهم احتياجاتهم من غذاء ودواء وحتى سكن لمن لا سقف له، لذا يجب الاهتمام بمختلف المشاريع الزراعية والصناعية، وتأمين الموارد المائية بحفر الآبار وبناء السدود، والاهتمام بالثروة البحرية، فالبيئة السليمة مصدر غني بمستلزمات الفرد وخاصة الغذائية، إضافة إلى ذلك إنشاء علاقات تجارية وتعاون مع دول الجوار والدول الأخرى، ولا ننسى العلم فهو الأهم لمقاومة الفقر والرعاية الصحية، من منطلق العقل السليم المفكّر في الجسد السليم، لكي نصل إلى مجتمع خالٍ ولو بجزئه الكبير من الفقر الذي هو علّة تتفشّى في جسد العالم، ومرض خبيث يصل حدّ القتل، يفتك ويضرب ويشرّد كلّ كائنٍ بشري على وجه الأرض، إذ لا ألم ولا فيروس أشدّ تأثيراً على البشرية مثل الفقر، فهو عقبة تقف أمام كل تطورات الحياة وسعادة أفرادها.