حدث حقاً.. لم يعتقلوه معهم!

(قصة قصيرة) بقلم أيمن أبو الشعر:

كان عمران وبرهان ومحمد أصدقاء حميمين منذ الطفولة، وهم من عائلات يسارية تتبادل الزيارات، وتقوم بتنفيذ المهمات النضالية، وكانوا يتابعون بحماس منقطع النظير أثناء السهرات القصص التي يسمعونها خلسةً من أوليائهم عن بطولات الرفاق الصامدين في السجون رغم شراسة التعذيب الذي يتعرضون له، وينتابهم إحساس بفخر كبير.. كانوا أحياناً يقومون بتمثيل كيف سيصمدون هم في السجن أيضاً، فينهالون على بعضهم بالضرب كلٌّ بدوره، ولا ينطق أحدهم ببنت شفة، ثم يتباهون فيما بينهم:

أرأيت؟ لم أبُح بكلمة عن الرفاق!

وأنا أيضا بقيت صامتاً رغم أنك ضربتني بشدة أكبر!

كان الأهل يلاحظون أحياناً بعض الآثار على أجسادهم، ويتخيلون أنها نتيجة الشقاوة في الحارة. كبر الأولاد وباتوا في المرحلة الثانوية.. وذات يوم شاركوا في مظاهرة ضد الحكومة والغلاء.. هاجم رجال الأمن المظاهرة واستطاعوا اعتقال بعض المتظاهرين ومن بينهم محمد وبرهان، وأجلسوهما في سيارة بيك أب.. انطلقت السيارة، وما هي إلا لحظات حتى ركض عمران وراء السيارة هو يهتف: أنا معهم! أنا شاركت في المظاهرة، والله، أنا معهم!

ركض بكل قوته وراء السيارة لكنه لم يستطع اللحاق بها، فانبجست من عيونه الدموع لأنهم لم يعتقلوه معهم. (حدث ذلك حقاً أيام النضال السري).

العدد 1104 - 24/4/2024