كيف نؤسس لطاقات بديلة تخدم احتياجات الإنسان

ريم داود:

تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة أثّرت عليها في المجالين العام والخاص، وأدت إلى تدهور الحال على مستويات الإنتاج والتصدير والاستيراد، وأثّر ذلك على حياة المواطنين تأثيراً سلبياً كبيراً.  إن مفهوم الأزمة الاقتصادية ليس بجديد على أحد، فقد عانت دول كبيرة آثار هذه الآفة وانهارت إمبراطوريات عظيمة أمامها، كما أدّت إلى كساد ضخم في معظم البلدان وها نحن نشهد اليوم تبعاتها.

أما بيت القصيد فيكمن في أهمية وآلية استغلال موارد البلاد بالشكل الأمثل والأفضل بعيداً عن سوء إدارتها وتدبيرها، وبعيداً عن استغلالها للحاجات الشخصية والفردية، بل العمل على توفيرها لخدمة وراحة الجميع بفكر مستدام مستمر وأسلوب جديد مبتكر يهدف للحفاظ عليها وعلى البيئة سليمة صحية معافاة.

منذ فترة ليست ببعيدة استفاق العالم على مفهوم جديد متمثل بمصطلح (إعادة التدوير) كآلية لتحويل المواد غير المفيدة وغير المرغوب بها أو حتى النفايات إلى منتجات جديدة قابلة للاستخدام والاستهلاك كسبيل للحد من الهدر الحاصل، وطريقة فعّالة للتخفيف من تكاليف الطاقات المستخدمة التي تكبّد العالم الكثير والكثير من الأموال والتلوّث والاحتباس الحراري الذي بات يُهدّد العالم بشكل واضح.

*إعادة تدوير البلاستيك: تطورت صناعة البلاستيك بشكل كبير منذ أن تم اختراع طرق مختلفة لإنتاج البوليمرات من مصادر بتروكيماوية، ويعتبر البلاستيك من الموارد غير المكلفة وخفيفة الوزن، ويمكن تشكيلها بسهولة وبأشكال عديدة ممّا زاد من إنتاجها في السنوات الأخيرة، إلاّ أن هذا الإنتاج وآلية استهلاكه لم تخلُ يوماً من المشاكل والآثار السلبية على البيئة والإنسان معاً، فبعد استهلاك هذا البلاستيك المُعدّ للتعبئة والتغليف يجري التّخلّص منه فيملأ مكبات النفايات، وكنتيجة حتمية لهذا الاستهلاك المستمر وغير المستدام، جرى العمل على آلية تمكّن الناس من التّخلّص منه بأساليب نافعة ومفيدة وبوشر البدء بإعادة تدوير هذه المادة بالشكل الأمثل والأفضل.

*إعادة تدوير الملابس والأقمشة: تعاني العائلات السورية على وجه الخصوص أوضاعاً مادية واقتصادية سيئة حالت بينها وبين إمكانية العيش بيسر وبحبوحة، واللّافت في الأمر أن المرأة السورية أثبتت جدارة منقطعة النظير في تدبيرها وتنظيمها للأمور، ونشهد سيدات سوريات في المخيمات يصنعن المعاطف لدرء البرد عن ابنائهن بآلية بسيطة وبدائية مستغلات الفائض ممّا لديهن من أقمشة وبطانيات لا استخدام لها، أما عن إعادة تدوير الملابس فهي آلية تعتمد على إعادة استغلال القديم منها وجعلها جديدة بصورة مختلفة وأنيقة. فهل سنشهد يوماً إنتاجاً فعّالاً ومشاريع كبيرة لإعادة تدوير الفائض من الأقمشة عوضاً عن إتلافها ورميها؟

*إعادة تدوير الطاقة: وهي عملية استعادة الطاقة المهدورة وتحويلها لطاقة كهربائية أو حرارية تساهم بشكل كبير في التخفيف من تكاليف الطاقات الأساسية، والتقليل من نسبة التلوّث والاحتباس الحراري، حيث نجد هدراً كبيراً للطاقة الحرارية الزائدة الناتجة عن احتراق الوقود والتي تظهر على شكل أبخرة يمكن الاستفادة منها واستغلالها في توليد طاقة للتدفئة والتبريد. كذلك هو الأمر في الهواء الناتج عن المكيّفات والذي من الممكن استغلاله إذا ما تمّ تخزينه بشكل صحيح والاستفادة منه كطاقة بديلة للتدفئة في الشتاء، فضلاً عن غازات العادم الساخنة وغازات التوهّج الصادرة عن العمليات الصناعية كطاقة ثانوية يمكن استغلالها في توليد الطاقة الكهربائية. أما عن طاقة الرياح المهدورة وغير المستغلة، فيمكن أن توفّر طاقة كهربائية بتكاليف بسيطة مقارنة بتكاليف الطاقة الأساسية.. ويبقى السؤال الأكبر: هل من تخطيط وتفكير يحملنا في المستقبل القريب إلى وجهة نستغل فيها مواردنا وطاقاتنا في تأمين احتياجات المواطنين؟ أم أننا ما زلنا نسعى خلف التقليدي باهظ الثمن مع شحّ في توفيره وانقطاع في تأمينه؟

العدد 1104 - 24/4/2024