في ضحكتهم تزهر الروح

إيناس ونوس:

تحتَّم عليَّ التَّغيُّب عن بيتي عدَّة أيَّام، ما أدَّى لأن أبتعد عن ابنتي (طفلة قلبي ونبض الرُّوح )، في طريق عودتي كنت أفكِّر كيف سنلتقي بعد هذا الغياب؟ كلِّي شوقٌ ولهفةٌ لهذه اللَّحظات بالتَّزامن مع الإنهاك النَّاجم عن العمل المتواصل.

أصعدُ الدَّرجات المتتالية.. أعدُّها.. غير أنِّي لم أعد أتمكَّن من عدِّ خفقات قلبي المتسارعة..

وصلتُ.. وإذ بابنتي تنتظرني أمام الباب.

بريق اللَّهفة والانتظار في عينيها أنساني كلَّ ما سبق هذه اللَّحظة من تعب..

تسارعت أغراضي وتساقطت من يدي، فاسحةً المجال ليغدو العالم كلَّه بين يدي..

وتضاءلتُ أنا في الوقت ذاته لتضمَّني يدان صغيرتان بحجم الكون..

وحين علمتُ أنَّ نبضات قلبي المتسارعة أوعزت لهذا الملاك بأن يشعر بقدومي.. ركضت متلهِّفةً تنتظرني بكل بهائها وشوقها ولهفتها.. حلَّقتُ في فضاءات الحلم والأمل والحبِّ اللَّامتناهي.

لم أدرك الوقت الذي مضى ونحن متلاصقتان، متَّحدتان، أتنفَّس رائحتها، أتحسَّس كلَّ تفصيلٍ في جسدها وكأنِّي أراها لأوَّل مرَّةٍ في حياتي، مستذكرةً أوَّل لقاءٍ لنا بعد الولادة..

شعرتُ أن قلبي امتلأ أوكسجيناً جديداً بنكهةٍ مختلفةٍ عمَّا كان سابقاً..

واستعدتُ حياتي مرَّةً أخرى..

وبعد ساعاتٍ من اللَّعب واللَّهو والاطمئنان، نامت بين ذراعيَّ ملتحفةً خفقات قلبي..

استيقظتُ صباحاً، على شمسين تشرقان على روحي، فتلوِّناها بألوان الحياة الزَّاهية..

وزقزقة ضحكاتٍ هي أروع ما أبدعت الطَّبيعة بكلِّ تجلِّياتها..

استسلمتُ لكلِّ هذه الرَّوعة وهذا البهاء.. ضحكاتي تنساب خفَّاقةً.. وروحي حرَّةً خفيفةً تحلِّق في فضاءٍ لا مثيل له..

ولسان قلبي وعقلي وروحي يعلن على الملأ: أنا الإنسان الأكثر سعادة في الكون كلِّه!

العدد 1102 - 03/4/2024