زيادة أسعار الدواء 30% والمواطن يئن!
محمود هلال:
أصدرت اللجنة الفنية العليا للدواء بتاريخ 17/6/2021 قراراً بتعديل أسعار الأدوية المحلية حيث بلغت الزيادة 30% على الأسعار المتداولة وسيشمل القرار أكثر من 11 ألف صنف دوائي.
وجاء القرار (حسب وزارة الصحة) بهدف معالجة الانقطاع الحاصل في أغلب الزمر الدوائية المصنعة محلياً بسبب ارتفاع تكاليف إنتاجها وازدياد أجور شحن موادها الأولية المستوردة وذلك من جراء الحصار الاقتصادي والإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري ولتجنب انقطاع الدواء.
والسؤال: هل يتحمل المواطن السوري أعباء وهموماً إضافية فوق همومه وتكاليف أسعار الأدوية التي هي مرتفعة أصلاً (أم أن فوق الموتة عصّة قبر)؟!
إن الغالبية العظمى من الناس هي من الشريحة الفقيرة التي هي من أصحاب الدخل المحدود ويمكن تصنيفها تحت خط الفقر، وبصعوبة ومشقة تتدبر أمورها في تأمين الأكل والشرب، وإن زيادة أسعار الدواء الأخيرة تبدأ من حبة السيتامول وستنتهي بأدوية الأمراض المستعصية الباهظة الثمن ستزيدهم مرضاً!
كما أن أي زيارة طبيب في الوقت الحالي تحتاج إلى مبالغ طائلة بين كشفية ووصفة الدواء التي لا تقل عن ثلاثة أو أربعة أصناف وبذلك تفوق التكلفة عشرة آلاف ليرة، لأنه قبل الزيادة لا تقل علبة الدواء عن 3000 ليرة. فما بالك بأصحاب الأمراض المزمنة مثل أمراض السكري والضغط والقلب التي لا تقل قيمة وصفاتهم عن عشرين ألف ليرة شهرياً، وغالباً يكون هؤلاء من كبار السن ومن أصحاب المعاشات التقاعدية، فكيف سيتدبرون أمور دوائهم بعد هذا القرار؟ وماذا لو كان في الأسرة الواحدة أكثر من مريض؟ هذا يعني أن أكثر من نصف الراتب التقاعدي سيذهب للدواء، فكيف سيعيشون باقي الشهر؟ وماذا لو مرض غيرهم من أفراد العائلة (الأمر الذي سيزيد الطين بلة)؟!
حسب معاون وزير الصحة إن بعض أصحاب المعامل طالبوا بزيادة أسعار الدواء بنسبة 100 بالمئة، لكن اللجنة الفنية العليا للدواء قررت الزيادة بنسبة 30 بالمئة بما يضمن استمرار عجلة الإنتاج في المعامل الدوائية الوطنية في هذه المرحلة مع مراعاة الظروف الاقتصادية.
وأضاف معاون الوزير إن الدولة ما زالت تدعم الصناعة الدوائية الوطنية من خلال إجراءات عديدة، منها إعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية الداخلة في هذه الصناعة من الرسوم الجمركية وكل الضرائب والرسوم الأخرى المفروضة على الاستيراد، فضلاً عن أن السوق الدوائية المحلية ما زالت محمية لمصلحة منتجي الدواء المحليين عبر عدم السماح باستيراد المستحضرات الدوائية التي لها أكثر من مصنع محلي، وذلك تحفيزاً لهذه الصناعة على الاستمرار بقيامها بواجبها الوطني لتأمين الدواء الفعال والآمن لمرضى الوطن جميعاً.
أخيراً ما أود قوله إن المواطن هو الذي يتحمل كل نتائج القرارات التي تصدر وتبعاتها، لقد سبق أن زادت الحكومة سعر أسطوانة الغاز قبل عدة أشهر بهدف توفيرها، وأصبح المواطن يدفع 5000 ليرة ثمن الأسطوانة وكلّفته هذه الزيادة نحو 2000 ل. س، فهل تأمنت الأسطوانة ضمن الفترة المحددة أي خلال 23 يوماً؟ على العكس تماماً فالمستفيد من الزيادة تجار السوق السوداء إذ أصبح سعرها نحو 35 ألف ل. س، وزادت مدة الاستلام على المواطن لتصل إلى ثلاثة أشهر.
وعندما زادت أسعار المحروقات (البنزين) بهدف توفيره دفع المواطن ضريبة ذلك بزيادة أجور النقل من قبل السائقين ولم يتوفر البنزين فعلياً. وكذلك الزيادة الآن على أسعار الدواء فمعامل وشركات الصناعات الدوائية بالتأكيد ستستفيد من القرار وسبق أن رفعت أسعار الأدوية بنسبة 50% عام 2015، وأصبح هناك تخبط بالأسعار، إذ أصبحنا نشاهد كثيراً من الأدوية تباع وفق تسعيرة الصيدلاني وكانت تشطب على التسعيرة الرسمية، وهناك أدوية مسعرة بخط اليد والمواطن لا يعرف سعرها الأصلي. والسؤال الأهم من سيضبط معايير الدقة والجودة الدوائية في الأدوية التي ستصنع، وقضايا التسعير وغيرها؟ وما يمنع معامل الأدوية من المطالبة بزيادة أسعار الأدوية بحجة أنها خاسرة نتيجة تذبذبات سعر الصرف والقطع الأجنبي وتهدد بوقف إنتاج بعض الأدوية (لتمسك المواطن من اليد التي توجعه)؟
إن المواطن الذي أنهكه الفقر والجوع والقهر والحصار يكفيه قرارات جائرة وظالمة، وينتظر قرارات زيادة براتبه وأجوره ودخله تخفف من همومه وتحسن من معيشته وأوضاعه المادية.