الشباب مصدر التنمية المجتمعية  

سليمان أمين:

سرّ المجتمع المتقدم يكمن في طاقاته الشبابية وتنميتها بالشكل الصحيح.

ويعتبر الشباب العمود الفقري لأي مجتمع، فهم القوة النشطة الفعالة القادرة على التغيير ومواجهة التحديات وتجاوز العقبات، بدورهم الأساسي في تحريك عناصر الإنتاج بمختلف أنواعه في المجتمع، والشباب هم محرك الحياة والقلب النابض المجدد الذي يعمل على تطوير وبناء مجتمعه والنهوض به نحو التقدم والازدهار، لذا فإن أي مجتمع يجب أن يفتخر بشبابه لأنهم الرئة النقية التي يتنفس منها، الشباب المؤهل بالعلم والمعرفة والمالك للخبرات العملية، وهذا ما تقوم به الدول المتقدمة سواء الصين واليابان وأوربا وغيرها من الدول المتقدمة، بالمحافظة على الطاقات الشبابية والعناية بها قدر المستطاع، لأنها مدركة تماماً أن هؤلاء الشباب هم الذخيرة الأقوى للتقدم والتطور في كل ميادين الحياة، يقابله تهميش مجتمعاتنا للشباب وتهجيرهم قسرياً بالضغوط المفروضة عليهم، إلى الدول الأوربية وبعض الدول العربية، التي تكرس كل جهودها لاستقطاب الشباب العامل الذي يمتلك الخبرات العملية والعلمية وغيرها من الكفاءات الإبداعية، وهذا ما عشناه واقعياً لسنوات طويلة في بلدنا السوري ومازلنا نعيشه حتى الآن من ممارسة الضغط على الشباب وعدم تقدير كفاءاتهم وخبراتهم، وزجّهم في ميادين لا يفقهون فيها شيئاً بالقوة، ما أدى إلى خسارة كبيرة لبلدنا في الثروة الذي يملكها من الشباب الذي كانوا يشكلون شريحة كبيرة في المجتمع، وهذا أدى لنزوح وهجرة كبيرة للشباب السوري إلى بلدان مختلفة بطرق غير شرعية، ومازال الحال حتى اليوم مستمراً برغبة كبيرة لدى أغلب الشباب بالمغادرة بأي طريقة كانت خارج البلد، بل أصبحت أيضاً رغبة الأهل بتسفير أبنائهم الشباب إلى خارج حدود البلد لضمان مستقبلهم، ما أدى إلى انعكاسات سلبية كبيرة على شريحة الشباب ممن بقوا في البلد والتحقوا بخدمة العلم، ومن يقعون تحت سن الاحتياط، في حال تهرب الفئات العمرية الأصغر بهروبها خارج الحدود لبناء مستقبلها في بلدان أخرى، وهذا شكل كارثة كبيرة اليوم في مجتمعنا السوري الذي افتقد شبابه في كل القطاعات المنتجة، وقد لاحظنا في الفترة الأخيرة دعوات ومطالبات بإعفاء الشباب الذين تقع أعمارهم فوق 35 سنة من الخدمة الاحتياطية، فسوق الإنتاج بحاجة لرفده بالطاقات الشبابية التي بات يفتقدها والتي أدت لتراجعه بشكل كبير، في حال تم استثمار طاقات الشباب السوري في كثير من البلدان الأوربية ومنها العربية كالإمارات العربية ومصر وغيرها، التي عملت على استقطاب عدد كبير من الشباب من أصحاب الخبرات المختلفة، ونقرأ بشكل يومي عن إنجازات شبابنا في مختلف بلدان العالم، بينما مجتمعنا بحالة تراجع كبير خصوصاً في الصناعة والزراعة وغيرها من القطاعات الإنتاجية التي افتقرت لأصحاب الخبرات والطاقات الشبابية، فاليوم إذا ذهبت لأي مؤسسة تجد كادرها أغلبه من الإناث وعدد قليل من الذكور الوحيدين المعفيين من خدمة العلم، وكذلك أبرز شروط أي شركة للتوظيف هو الإعفاء من الخدمة الاحتياطية أو أن تكون وحيداً، وهذا بحد ذاته كارثة كبيرة نلقى أولى نتائجها اليوم، وسوف نجد مجتمعنا غارقاً بها أكبر في القادم إن لم يتم معالجتها وإدراكها بشكل إيجابي لنهوض المجتمع من جديد بصناعته وزراعته التي تنمو معها القطاعات الاقتصادية الأخرى، فمن المعلوم أن أصحاب الخبرة من الشباب هم الفئة العمرية التي تتراوح أعمارها بين 33 و50 عاماً، والتي لم يبقَ منها إلا القليل جداً.

هناك الكثير من الأدوار التي يلعبها الشباب في بناء وتنمية المجتمع، ولا يقتصر ذلك على مجال واحد بل مجالات متعددة، ويتقاطع دورهم مع جميع المجالات سواء الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وقطاعات التنمية، ونذكر جوانب من أهمية دور الشباب في المجتمع:

– يلعب الشباب دوراً أساسياً في إحداث تغيير في المجتمع لأنهم يتقبلون التغيير ولديهم القدرة على التعامل مع الجديد والتكيف بسهولة معه وإيجاد أفكار إبداعية فيه، فلا توجد حدود بالنسبة للشباب، فهم أكثر فئة طموحة في المجتمع، وعملية التقدم والتغيير لا تتوقف لديهم، وهم الذين يحدثون الفرق والتغيير في المجتمع، لهذا تسعى المجموعات والمؤسسات إلى توظيف هذه الطاقة واستقطابها من أجل التقدم.

– تعتبر فئة الشباب بمثابة قوة اجتماعية ضاربة وهائلة، فالبلدان التي تكون فيها نسبة الشباب أكبر تكون أكثر نشاطاً وتقدماً من غيرها، ويساهم الشباب في إصلاح جميع المجالات في المجتمع وتنميتها، لما يتمتع به الشباب من روح المنافسة الشريفة في الإبداع في الأفكار والابتكار وخلق المبادرات والمؤسسات في مختلف المجالات، وهذه الأمور تساهم في تنمية المجتمع.

–  الحماس والطاقة التي يتمتع بها ويمتلكها الشباب تجعلهم يتقدمون بشكل كبير نحو التفاعل مع مختلف المعطيات السياسية والاجتماعية المتغيرة.

– التطوع سمة أساسية يتميز بها الشباب عن غيرهم، فهذه الخدمات التي تقدمها فئة الشباب سواء في المدينة أو الريف، تبني وتقوي شخصيتهم بشكل صحيح وتعزز روح الألفة والمواطنة لديهم ومساعدة الآخرين دون مقابل، مما يجعلهم يقدمون الطاقة الإيجابية للمجتمع.

ختاماً:

تكمن أهمية القادم في اتخاذ الحكومة لمجموعة من الإجراءات التي تهدف إلى المحافظة على ما تبقى من شباب وخبرات في البلد، والعمل على إعادة استقطاب الشباب السوري المقيم خارج البلد، والذين خرجوا لأسباب كثيرة من البلد، والأخذ بالمطالب الشعبية بتحرير الفئة العمرية التي قاربت أعمارهم سن الأربعين من الخدمة الاحتياطية، وهذا هو الإجراء الأهم الذي سوف يعيد الكثير من الشباب إلى البلد، وسوف يرفد سوق العمل وقطاعاته بخبرات هؤلاء الشباب وسوف ينعشها من جديد، ونحن بأمس الحاجة اليوم للنهوض الاقتصادي والتنمية، وذلك لا يتحقق إلا بالطاقات الشبابية.

العدد 1102 - 03/4/2024