فؤاد الشمالي.. ذلك المجهول_ المعلوم!

د. أحمد ديركي:

يعتبر فؤاد الشمالي من المؤسّسين الأوائل للحزب الشيوعي في سورية ولبنان. مناضل خاض معارك تأسيس ووضع أسس حزب مناضل في سبيل حقوق الطبقة العاملة وقيادتها للوصول إلى (وطن حرّ وشعب سعيد)، وهذا ما لا يمكن تطبقية إلا بنضال فكري مقترن بنضال عملي على أرض الواقع.

من هو ذلك المناضل المجهول_ المعلوم؟

فؤاد الشمالي (1894 – 1939): تولّد بلدة سهيلة، كسروان، لبنان. درس الابتدائية في فلسطين، وكان والده يعمل فيها ترجماناً في شركة للسكك الحديدية. بعد وفاة أبيه انتقل إلى مصر مع والدته وأكمل هناك دراسته الابتدائية. بدأ بالعمل حوالي عام 1910، وانتمى إلى الحركة النقابية في السنة عينها. عمل في مصنع للسجائر في القاهرة في نهاية الحرب العالمية الأولى، وانتسب إلى الاتحاد العمالي العام في الإسكندرية في سنة 1921، والاتحاد كان عضواً في الأممية النقابية الحمراء.

تعرف هناك على العديد من المناضلين كما تعرف على الفكر البلشفي، ولم يفصل الشمالي يوماً النضال الفكري عن النضال على أرض الواقع، وهذا ما يمكن لحظه من سيرة حياته وإن كان المتوفر عنها جزء بسيط جداً.

يبدو أنه بعد تعرفه على مناضلين آخرين والفكر البلشفي بدأ بالعمل مع سلامة موسى، وأنطون مروان، على تشكيل (الحزب الاشتراكي المصري) في عام 1921، وكان عضواً مؤسساً للحزب الشيوعي المصري (1923)، المنتسب إلى الأممية الثالثة. تأسس أول اتحاد نقابي اسمه (الاتحاد المصري للعمال)، ومركزه الرئيسي في القاهرة، وكان الشمالي من ضمن المؤسسين.

نتيجة لنشاطاته العمالية والسياسية أبعدته السلطات البريطانية، لأن مصر في حينها كانت تحت الانتداب البريطاني، إلى لبنان بتهمة نشر الدعوة البلشفية. غادر الشمالي الإسكندرية بتاريخ 18 آب 1923 ووصل إلى بيروت في 22 منه. عرف يوسف ابراهيم يزبك، وهو موظف في المرفأ اللبناني، بمسألة إبعاد الشمالي عن طريق الصحافة، فكان في استقباله.

أسس الشمالي مع عدد من العمال، في بكفيا، قرية لبنانية تكثر فيها زراعة التنباك، نقابة عمال الدخان في عام 1924، وكان من بين أعضائها إبراهيم إسطفانوس، وبطرس حشيمة، وفريد طعمة. رفضت السلطات منح النقابة ترخيصاً، ملمحة إلى أنه يمكن الترخيص للنقابة إن انسحب فؤاد الشمالي من اللجنة التأسيسية، ويبدو أن هذا ما حصل في سبيل الحصول على ترخيص لإنشائها، وكانت باسم (النقابة العمالية لعمال الدخان في لبنان). ويمكن اعتبارها أول تشكيل نقابي وعمالي بالمفهوم الحديث، أي كانت مغايرة عما سبقها مفهومياً من (نقابات). ومن هذه النقابة انبثق الحزب الشيوعي.

نعم، فؤاد الشمالي هو ذلك المناضل المجهول_ المعلوم، لأنك لو بحثت في المكتبات، العامة والخاصة، وفي أرشيف الحزب، فمن النادر، إلى حدٍّ كبير، أن تجد له شيئاً مكتوباً! وكل ما هو متوفر في الأسواق كتاب واحد بعنوان كتابات مجهولة لفؤاد الشمالي، يتحدث فيه عن مفهوم النقابة، وفي هذا الكتاب وضع الأسس العلمية على القاعدة الفكرية البلشفية لتأسيس نقابة عمالية.

ألا يستحق هذا المؤسس المزيد من الاهتمام والبحث عن نتاج عمله النضالي؟