ليس (الأقصى) وحيّ (الجراح)..  إنها فلسطين!

كتب رئيس التحرير بشار المنيّر:

إنها فلسطين.. الوطن المسروق، الحقول المدمّاة.. الخيام والتشرّد، البيوت التي لم يأكل مفاتيحَها الصدأ، فما زالت في قلوب أصحابها المشتتين في مشارق الأرض ومغاربها.

إنها فلسطين التي أرادت الصهيونية العالمية، بالتحالف مع دول الاستعمار القديم والإمبريالية الأمريكية، أن تبدأ منها لاستباحة الشرق بأسره.

إنها فلسطين التي لعبت بأقدار دول وشعوب أخرى..  وحددت بوصلات خارجة عن سياق التطور الطبيعي لهذه الدول والشعوب. إنها كل الأرض الفلسطينية أيها السادة الذين طالبوا.. وما زالوا يطالبون بالواقعية في التعامل مع المسألة الفلسطينية، بالاستناد إلى مبدأ (العين لا تقاوم المخرز) الذي لم تعترف به شعوبٌ أجبرت مخارز المعتدين- على رأسهم صنّاع الحرب الأمريكيين- على التراجع أمام عيونهم العارية إلا من الحقيقة والإصرار على نيل الحقوق.

واقعية القرارات الدولية ذات الشأن، التي أقرّت الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بالعودة وتقرير المصير، وإقامة دولته الوطنية على أرضه وعاصمتها القدس، لم تشفع للمشرّدين بتحقيق حتى الحلم المنقوص، وواقعية من سوّغ الاتفاقات المذلّة، ومن قدّم الوعود  بتحوّل الفاشيست إلى جيران صالحين، بقيت عند حدود الوعود، أما الحقيقة الوحيدة فكانت تمادي الكيان الصهيوني في استباحة الأرض الفلسطينية، وإفهام الجميع أن منطق القوة يحكم المسألة برمتها، فاشربوا الحقوق والوعود، في زمن كان البعض فيه يروّجون للمسامحة وانتظار العدل من  الأمريكيين وحلفائهم الذين  لم يسمعوا به ، ولا يدخل في قاموسهم السياسي.

هبّة الشعب الفلسطيني اليوم تتجاوز همّ الأقصى وحيّ الجراح على أهمية هاتين المسألتين ورمزيتهما، إنها التمسك بالهوية..  بالأرض..  بالحقوق، إنها تعبّر عن يأس الفلسطينيين من الوعود والتسويف، في الوقت الذي تطرح فيه الصفقات التي تعملق الكيان الصهيوني، وتجعله الآمر الناهي على الشرق الأوسط برمته، بموافقة وتسويغ من بعض الأشقاء.

إنها هبّة وطنية شاملة ينبغي أن تشكل نسفاً لشرذمة سياسية ودينية وطائفية أريد لها أن تحرف النضال الوطني الفلسطيني عن مساره المقاوم.

يا إخوتنا في فلسطين، لم نكن يوماً من دعاة التطرّف، لكن متى كانت المطالبة بالحقوق تطرّفاً!؟

لقد أكدنا في مؤتمر حزبنا الشيوعي السوري الموحد الثالث عشر، الذي عقد في نهاية عام 2019، أن لإخوتنا الفلسطينيين الحق في استخدام جميع وسائل المقاومة، وبضمنها المقاومة المسلحة، للوقوف بوجه التوسع الصهيوني، والتنكر للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهذا ما يتطلب حسب اعتقادنا وحدة الصف الفلسطيني، ومقاومة (صفقة القرن) التي تسعى إلى القضاء على أي مقاومة لبسط نفوذ الصهيونية في منطقة الشرق الأوسط برمتها، ونزع فكرة المقاومة من عقول الفلسطينيين، وإلغاء حتى ذكريات من بقي منهم واعياً لمجازر الصهيونية، وتدجين الشباب الفلسطيني على التعاطي (الواقعي) مع اغتصاب الأرض والحقوق برفع العلم الأبيض وتقبيل أيادي المحتلين.

تباركت أيديكم يا من تقفون اليوم مسلّحين بحجارة الأرض الفلسطينية في مواجهة النازية الصهيونية، والرحمة لأكثر من 190 شهيداً روت دماؤهم أرض فلسطين، والشفاء لمئات الجرحى.

اقطعوا الطريق أمام من يسعى إلى صفقات أخرى لا تأتي إلا بالوعود واليأس.

احذروا من (يهوذا)، أيّها الأشقاء، فهو يرتدي في كل مرة قناعاً جديداً.

معكم..  دائماً معكم حتى نيل الحقوق.

العدد 1102 - 03/4/2024