أول أيار وكورونا!

طلال الإمام_ ستوكهولم:

تجولت اليوم الأول من أيار عيد العمال العالمي في بعض شوارع وساحات ستوكهولم، تلك الشوارع التي كانت تشهد منذ الصباح الباكر تظاهرات تنظمها مختلف فصائل اليسار السويدي، تظاهرات كانت تضم حشوداً بالآلاف ترفرف فوقها الرايات الحمر وشعارات تمجد الذكرى وترفع مطالب العاملين بسواعدهم وأدمغتهم.

لكن منذ بدء جائحة كورونا تغيّر المشهد تماماً، فقد مُنعت التظاهرات والتجمعات لأكثر من ثمانية أشخاص، بحجة عدم انتشار الوباء، بهذا الشكل جُرّدت الأحزاب السياسية كما النقابات من أحد أهم أسلحتها وهو التظاهرات والإضرابات والاجتماعات السياسية الواسعة.

صحيح أن بعض الأحزاب والتجمعات أوجدت البديل للاحتفال بأول أيار، ونظمت مهرجانات خطابية عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي.. لكنها تختلف جذرياً عن الأشكال السابقة عندما كان يلتقي المحتفلون ويسيرون جنباً إلى جنب يحملون ويرددون شعارات التضامن والعدالة في توزيع الثروة، ضد الحرب والاستغلال ومن أجل بيئة نظيفة.

إن القيود الصارمة حول التباعد وأعداد المجتمعين التي فرضتها الحكومة بسبب جائحة كورونا دفعت بكثيرين لوضع إشارات استفهام وأسئلة حول هدفها الحقيقي.

من هذا المنطلق تنادى مئات من السويديين للتظاهر اليوم الأول من أيار في ستوكهولم تحت شعار: (من أجل الحرية والحقيقة) احتجاجاً على تلك القيود. فضّت الشرطة السويدية التظاهرة كونها تخالف قيود منع التجمع لأكثر من ثمانية أشخاص.

الملاحظ أن أعداداً متزايدة من أطباء وسياسيين وناس عاديين يشعرون أن الاسئلة المتعلقة بحقيقة الجائحة والقيود المفروضة إضافة إلى (بازار) اللقاحات لا تجد أجوبة مقنعة، الأمر الذي يسبب القلق وأحياناً الهلع.

القيود المفروضة متفاوتة بين بلد وآخر، يجري الحديث عن بلدان الاتحاد الأوربي، هناك بلدان تفرض حظراً شاملاً وصارماً، وأخرى أقل، وثالثة لا تشعر بأي حظر، والأمر متروك لوعي المواطن نفسه.

لا شك أن عالم ما بعد كورونا ليس كما قبله في جميع المجالات السياسية، والاجتماعية والاقتصادية.. إذ تجري ولو ببطء تغييرات بنيوية على المجتمعات.

يبقى السؤال: لمصلحة من تجري تلك التغييرات؟ من المستفيد منها؟ هل الناس العاديون أم الشركات العابرة للقارات وحفنة من الذين تزداد ثرواتهم بفعل الحروب، ومالكو شركات الأدوية واللقاحات؟ تزداد أعداد العاطلين عن العمل وحالات إفلاس كثير من القطاعات المتوسطة، كيف سيؤثر ذلك على التوازن الاجتماعي؟

أسئلة عديدة دون أجوبة مقنعة، وهذا باعتقادي سيؤدي إلى مزيد من الاحتجاجات والتجاذبات.

في الأول من أيار نتمنى من جميع المتضررين من سياسات الليبرالية الجديدة، ومن تغوّل رأس المال، توحيد جهودهم ومتابعة نضالاتهم من أجل عالم بلا حروب ولا استغلال.

المجد للأول من أيار!

العدد 1102 - 03/4/2024