بالحب نحيا

وعد حسون نصر:

لكي نتمكّن من تجاوز الكثير من العقبات، ونزرع البسمة على وجوهنا ووجوه من نرغب باستمرارهم معنا، علينا أن نحب ونسامح، فالحب يصنع المعجزات وخاصة بين أفراد الأسرة، فإذا كان الشخص مُحاطاً بالحب ضمن أسرته فإنه تلقائياً تنعكس تصرفاته الإيجابية على من حوله، فالعاطفة تحكم تصرفاتنا وخاصة أننا شعب محكوم بالعواطف، ونلاحظ هذا الشيء عندما يخرج شخص من منزله سعيداً ومرتاحاً، ينعكس كلامه اللطيف على من حوله، والعكس إذا كان مستاءً نلاحظ سوء طباعه مع الآخر، كذلك الزوج والزوجة المشبعين عاطفياً في منزلهم وما يعكسه هذا الإشباع من رضا، وخاصة في ظلّ هذه الظروف البشعة التي تحيط بنا في كل مكان، فمن تمكّن من إقناع نفسه بالرضا في ظلّ ظروفه الصعبة، فمن الطبيعي أن تجد انعكاس هذا الرضا على حياة الأسرة، فالرضا لا يأتي إلاّ من خلال الحب، المرأة المُحبّة لزوجها تجدها تعكس حبها بالوقوف إلى جانبه وتحمّل مصاعب الحياة وشقائها، بمواساته بكلمة لطيفة، بمساعدته في إدارة منزلها وتربية أطفالها وتعويدهم على القناعة. كذلك الزوج المُحبُّ لزوجته تجده سنداً لها ومعيناً، ويقف إلى جانبها في مواجهة كل الصعوبات، يمسك بيدها ليتجاوزا معاً كل المخاطر, يساندها في أعباء المنزل والعمل وحتى عبء تربية الأطفال، إذ نلاحظ دائماً أن الأسرة المبنية على الحب والرضا أسرة نموذجية أبناؤها ناجحون، متصالحون مع أنفسهم ومع غيرهم، نراهم متعاونين ومتحابين، ولديهم قناعة وطموح، فالحب أساس النجاح، وبالتالي إذا غاب الإشباع بالحب والعواطف سوف ينجم عن هذا الفقدان والحرمان فراغ عاطفي عند الزوجين، وهذا ما ينجم عنه خلل في العلاقة الزوجية وما يترتّب عليها من مخاطر على الأطفال وسلوكهم داخل الأسرة، ونتيجة هذا الفراغ سوف يبحث الرجل والمرأة كلاهما لإشباعه خارج المنزل, هنا تُهمل احتياجات الأبناء، وتنشب مشاكل بين الأبوين، فكلاهما لا يجد في شريكه ما يطلبه ظنّاً منه أنه وجده مع آخر خارج المنزل، لذلك ونتيجة التراكمات طبيعي أن يهمل كلا الوالدين واجباته تجاه الآخر وتجاه الأبناء، فتنشب المشاكل وتنهار الأسرة.

لذلك، ولكي نتمكّن من بقاء النواة الأساسية للمجتمع سليمة، لابدّ أن تُبنى على الحب والقناعة والعدالة بكل شيء، والحب هو البند الأساسي لكل بذرة سليمة نبتت بأرض تحمل الخير، أحبوا بعضكم بعضاً وابنوا منازلكم في الحب، ارووا قلوبكم بالمحبة فالمحبة عطاء، علموا أبناءكم أن من يسقي نباته حباً سوف يعطيه ثمراً طيباً وزهراً فوّاحاً، انشروا الكلمة الطيبة فهي خير معين لنا في سنواتنا هذه التي غمرتنا بالبلاء، أشبعوا نفوسكم بالعاطفة فهي خير دواء، كونوا السند لمن حولكم وخاصة الوالدين والزوج والزوجة والأبناء، فمن منازلكم تُنار قلوبكم، ومن نور قلوبكم تعكسون النور لمن حولكم، وبهذا النور تشرق نفوسنا لنقهر ظلمة الحياة، واعلموا أنه بالحب تتحقّق العدالة والمساواة، وبالإشباع العاطفي بيننا كأزواج وأخوة وأخوات نبني مجتمعاً قائماً على الفضيلة بعيداً عن لغة العداء.

نعم، هو الحب لغة الروح وبلسم الشفاء، وبه نبني بيتاً، وبهذا البيت نسعى لتستمر الحياة، أحبوا نفوسكم واعكسوا الحب لمن حولكم، فهذا الحب هو أصل استمرار الحياة.

العدد 1104 - 24/4/2024