إنها الحرب.. والحصار.. والعقوبات.. لكن!

كتب رئيس التحرير:

لنترك المزايدة جانباً، فنحن، في الحزب الشيوعي السوري الموحد، لا نعرف المزايدة، ولا نسعى إلى اصطياد الشعبية من خلال استغلال استياء الناس بسبب تهميش معاناتهم، رغم خطورة استمرار هذه المعاناة، واستمرار التهميش، بل أوضحنا في وثائقنا، وآخرها وثائق مؤتمرنا الثالث عشر الذي عقد في أواخر عام 2019، وفيما تنشره جريدة (النور) أيضاً: أن تداعيات الأزمة والغزو الإرهابي لبلادنا، وخاصة الحصار الظالم والعقوبات، تسبّبت بشكل رئيسي بما قاساه المواطن السوري، وما يقاسيه اليوم، لكنّنا وفي الوقت ذاته قلنا إن دوراً هاماً يقع على عاتق الحكومات السورية المتعاقبة منذ بداية الأزمة والغزو، لتخفيف معاناة المواطن، وساهمنا أيضاً بتقديم الاقتراحات في هذا الإطار.

فعندما يفرض التحالف الدولي المعادي لسورية وشعبها حصاراً جائراً، ويسلّط سيف العقوبات على العالم بأسره، إذا ما تجرأ على مساعدة الشعب السوري، لتجاوز محنته المعيشية والإنسانية، في وقت أدرك فيه الجميع ما أدت إليه مجازر الإرهابيين من تهديم وتخريب وسرقة لأهم قطاعات الإنتاج في سورية، ومصادرة ثرواته ومحاصيله الاستراتيجية، عندئذٍ يصنّف في خانة (غير العقلاء) من يتجاهل هذه الأسباب الموضوعية لمعاناة المواطنين السوريين، لكننا قلنا ونقول اليوم إن الحصار والعقوبات ليست مسؤولة وحدها عن العديد من المعضلات الكبرى التي تهدّد خاصةً الفئات الفقيرة والمتوسطة.

– فالفساد والتباطؤ في مكافحته ليس نتيجة للحصار والعقوبات.

– وسوء توزيع الموارد ليس نتيجة للحصار والعقوبات.

وكلّ ما يلي أيضاً ليس نتيجةً للحصار والعقوبات:

– رفع أسعار المواد الغذائية المدعومة.

– والتساهل في معاملة المتهرّبين من الضرائب.

– والاعتماد على الضريبة غير المباشرة.

– وترك الدولار يسرح ويمرح في الأسواق.

– وعدم التوصل إلى حلّ معقول ومقبول مع شركات تصنيع الدواء المحلية يضمن عدم حرمان المواطن من دوائه بسبب الغلاء.

– وسوء إيصال المواد المدعومة إلى مستحقّيها.

– والإساءة إلى المواطن وكرامته، من قبل بعض المدعومين وأصحاب النفوذ، عند توزيع المواد المقنّنة.

– وعدم اتباع مبدأ الشفافية والصراحة مع المواطنين.

– والمماطلة في عودة المهجرين قسراً إلى بيوتهم في المناطق الآمنة.

– وعدم حلّ مشكلة حصول المواطن بسلاسة على الرغيف.. والازدحام الشديد على مدى الساعة، في وقت يقتضي الحرص على التباعد المكاني.

– وفرض الخوّات والأتاوات على مرور البضائع والسلع من منطقة إلى غيرها، أو من محافظة إلى غيرها.

هذا كلّه وغيره أيضاً ليس نتيجة الحصار والعقوبات..

إنها مسؤوليتكم أيها السادة في حكومتنا!

علم الاقتصاد، كما يحدّده أستاذ الاقتصاد الشهير جون كينيث غالبريث، هو كيفية تلبية حاجات الناس غير المحدودة، بموارد محدودة.

وهذه مسؤوليتكم، أيها السادة، أن توزعوا مواردنا المحدودة في هذه المرحلة الصعبة، لتلبية حاجات الناس الأساسية- ولا نقول غير المحدودة- وهذا يتطلب العدالة في التوزيع، العدالة ثم العدالة، مع الأخذ بالحسبان القدرة الشرائية المتدنية لأكثرية المواطنين السوريين، وهذا ما يحول دون ذهاب هذه الموارد المحدودة إلى الفئات المقتدرة.. القادرة.. الثرية.. المدعومة بهذا الشكل أو ذاك.. المضارِبة في الأسواق السوداء، تجّار الأزمة والمحتكرين.

الأمريكيون سيصعّدون حصارهم وعقوباتهم ضد سورية وشعبها، وهذا ما يشير إليه مشروع القرار الذي وافقت عليه بالإجماع اللجنة المختصة في الكونغرس منذ أيام، لذلك علينا الاستعداد، وهذا ما يتطلب منكم أن تتحمّلوا مسؤولياتكم أيها السادة، في جميع مراكز اتخاذ القرار، وأن تتصرّفوا وتتخذوا القرارات المناسبة، بموجب هذه المسؤولية، فالصمود في مواجهة بقايا الإرهاب، ومقاومة الاحتلال الصهيوني والأمريكي والتركي للأرض السورية يتطلب تهيئة مستلزمات هذا الصمود، وفي المقدمة منها تلبية الحاجات الأساسية للمواطنين السوريين الذين تحمّلوا مسؤوليتهم بشجاعة وتفانٍ وصبرٍ، ستُفرد له آلاف الصفحات، ووقفوا إلى جانب جيشهم الوطني الباسل في مواجهة أشرس غزو إرهابي عرفته البشرية.

وبانتظار نجاح الجهود الدولية والداخلية لإنهاء الأزمة السورية، عبر الحلول السلمية، المتضمنة سيادة بلادنا ووحدتها أرضاً وشعباً، وضمان حقوق المواطنين السياسية والديمقراطية، نطالب حكومتنا بتحمّل مسؤوليتها.

فهلّا فعلت؟!

العدد 1102 - 03/4/2024