معادلات مجتمعيّة

غزل حسين المصطفى: 

_قدٌّ ميّاس، وزن مثالي، شعر طويل، عيون جميلة، بشرة خالية من العيوب = أنثى جميلة.

_خجل يفوق المعقول، تخضع لأوامر وليّ أمرها من الرجال، لا تُحدّث رجلاً غريباً = أنثى مؤدبة خلوقة.

_حجاب، سترٌ للمفاتن من غير تبرّج ولا عطر، تلزم دارها، لا تلهج إلاّ باسم الله وحده = أنثى متديّنة.

_غير محجّبة، تعمل، لديها زملاء وأصدقاء من الجنسين، تسلّمت منصباً قيادياً، تنادي بحقوق المرأة، تتحدّث بالمساواة = أنثى فاجرة.

هذه معادلات مجتمعية مُسبقة الصنع، مستعملة ومُطبّقة، لكن، هل هي صالحة للاستهلاك البشري ونحن في 2021؟!

لا أدري من وضع الحجاب نقيضاً للتحرّر؟

أليس التحرّر تحرّراً فكرياً؟!

من وضع العمل والزملاء والحياة نقيضاً للحشمة والتّربية؟!

ألم تخرج النساء يوماً خلف الرجال في المعارك؟!

لا أدري كيف أصبح الحجاب قفصاً والحياة غابة؟!

كيف صارت الحريّة الشخصيّة في اختيار الملابس فجوراً وفحشاً وتحرّراً ممقوتاً؟!

 

خطورة التعميم

الفكرة التي لا بدّ من الإشارة إليها هنا هي (التعميم)، وهي الكارثة الكبرى في هذه القضية، إذ لا ينطبق حال واحدة على الجميع، والخطأ في كل الميادين وعلى مختلف الأصعدة لا يُعمّم كما الصواب، لكلٍّ تلاميذه ومريدوه ومتبعوه، لا تزر وازرة وزر أخرى.

 

نمطية الفكر

لم تقتصر فكرة النّمطيّة على الأدوار الاجتماعيّة المنوطة بكلا الجنسين في المجتمع، بل ركزّ التفكير المحدود في تعاطيه مع الحياة على المرأة بشكلٍ خاص ومبالغٍ فيه، فحدّد شكلها ومقاييسه، حدّد تضاريس حياتها وتاريخها، كتب الأعوام وحسب التواريخ المفترضة، وكأنها القضية الوحيدة التي تقضُّ المضاجع.

ورغم كلّ هذه السنين وكل النضال والحديث المستمر إلاّ أن قضية المرأة مازالت شائكةً متشابكةً تخضع لقوانين كلّ مجتمع وبيئته حبيسة إطار (لم تُخلَق إلاّ لبقاء النوع البشري).

كم نحتاج من الأكفّ لا لنصفق بها، بل لنصفع ونكتم تلك الأفواه التي خلّفت وصنّعت وتاجرت بهذه الشعارات والقوالب الساذجة المُهينة؟!

أخاف أن أقول يوماً عنها (قضية أزليّة الصراع).

 

التحرّر

التحرّر قد يكون مطلباً وحركة اليوم، لكن هو فعلياً فعلٌ وتغيير يطول الفكر وطريقة رؤية الأشياء، هو انعتاق ممّا ذكرناه آنفاً من قوالب ونمطية وكتاب حياة مكتوب ينقصه فقط إضافة اسم الشخصية، هو كذلك، وليس (شتيمة) تُهان بها المرأة.

ختاماً

حين تنعتق الفراشة من شرنقتها، بعد أن نضجت وكبرت ومرّت بكل مراحل التطور والبلوغ.. تنتقل لحياتها لتكون أكثر جمالاً وأشدُّ تأثيراً، أن تبقى حبيسة يعني موتها.

دعونا نُحلّق بسلام.. فالأرض خُلقت لكم ولنا!

العدد 1102 - 03/4/2024