بـلاغ المـكتب السـياسي للشـيوعي السـوري “المـوحـد” : الإصلاحات توطيد لكل ما هو وطني وتقدمي.. محاولات للتصعيد في الداخل وازدياد الضغوط الخارجية

عقد المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري (الموحد) اجتماعه الدوري، بتاريخ 18-7-2011 وبحث فيه جملة من المسائل، وعلى الأخص التقرير حول الأوضاع السياسية السائدة في البلاد الذي قدمه الرفيق حنين نمر، الأمين الأول للحزب. وقد تعرض التقرير إلى الأوضاع الأمنية، إذ ماتزال بعض المناطق عرضة لأعمال تخريبية تقوم بها مجموعات مسلحة ضد الممتلكات العامة والخاصة، ولعمليات قتل تطول الأبرياء، وتعطيل للحياة الطبيعية في تلك المناطق. ولاحظ المكتب السياسي حصول تجاوزات وممارسات أمنية خاطئة تسيء إلى المساعي المبذولة للتهدئة والحفاظ على سمعة الدولة، وارتأى وقفها ومحاسبة المسؤولين عنها.

كما تشهد بعض المناطق تظاهرات سلمية ترفع شعارات مطلبية اجتماعية وسياسية، دون أن ينجم عنها أي مصادمات أو حوادث، الأمر الذي يساعد على الممارسة الديمقراطية في حدود القانون.

وتترافق هذه الأوضاع الأمنية الداخلية مع اشتداد حدة الضغوط الأمريكية والأوربية على سورية، في نطاق عملية ابتزاز واستغلال لما يجري في داخلها، وإجبارها على تغيير سياستها الوطنية المناوئة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة. ويترك ذلك آثاره على الأوضاع الداخلية الاقتصادية والاجتماعية المرشحة لمزيد من التعقيد والمضاعفات، في حال استمرار الضغوطات والعقوبات على بلادنا.

وفي الوقت ذاته الذي تستمر فيه الأزمة، يتصاعد وينمو في البلاد الاتجاه نحو الحل السياسي لها، لأنه الطريق الوحيد لإنقاذ سورية من تداعياتها ونتائجها، ولا يمكن للحلول الأمنية أن تحل محله لأنها تدخل البلاد في نفق مظلم.

ومن هذا المنطلق سعى حزبنا، منذ بداية الأزمة، إلى وقف العنف وصيانة الدم السوري المراق، ودعا إلى التهدئة، كما ميّز بين الاحتجاجات الشعبية السلمية التي ندعو إلى تلبية مطالبها العادلة، وما بين الفتنة واستغلال الحراك الاجتماعي لغايات سياسية تتعارض مع مصالح البلاد. كما دعا إلى جملة من الإجراءات في مجال الإصلاح السياسي لإشاعة الحياة الديمقراطية في البلاد.

لقد اتسع هذا التيار، تيار الإصلاح والحل السياسي، وأصبح اللغة الأساسية التي يتكلم بها الشعب السوري، فأعلن الرئيس بشار الأسد في خطابه الذي ألقاه على مدرج جامعة دمشق في 20-6-2011 برنامجاً كاملاً للإصلاح، ودعا جميع القوى الوطنية في البلاد لتوحيد جهودها لمواجهة الأزمة والتعاون معاً لحلها، عبر إطلاق عملية حوار واسعة النطاق للتوجه نحو عقد مؤتمر وطني للحوار يضم كل الفئات التي تعمل تحت سقف الوطن بصرف النظر عن الخلافات والاختلافات فيما بينها.

وقد تتوج ذلك بتشكيل هيئة الحوار الوطني التي تهدف إلى وضع الأسس لهذا المؤتمر، وتهيئة مشاريع القوانين الإصلاحية والتعديلات الدستورية، وبضمنها تبديل المادة 8 من الدستور أو تبديل الدستور بكامله.

وقد وضع هذا الخطاب أسساً واضحة ومبادئ صحيحة للحوار الوطني الذي يهدف إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي الشامل، وجرت على قاعدته اتصالات ولقاءات بين هيئة الحوار الوطني والقوى التي تمثلها، مع قوى وشخصيات وطنية معارضة، أدت إلى تحسين الأجواء فيما بين الطرفين، وتبين وجود قواسم مشتركة كبيرة تمهد لتعاون أوثق في مراحل لاحقة، مادام الهاجس الوطني هو الأساس.

لقد أنجزت هيئة الحوار الوطني جزءاً هاماً من عملها بتنظيم لقاء استشاري ضم نحو 200 شخصية سياسية واجتماعية وثقافية، بُحثت فيه أوضاع البلاد من جوانبها كافة، وأقرت جملة من التوصيات والمقترحات لرفعها إلى مؤتمر الحوار الوطني العام لإقرارها وإصدارها، ومن أهمها

– الحوار هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة.

– الاستقرار ضرورة وطنية لتعميق الإصلاحات.

– التسامح قيمة مثلى للخروج من الوضع السائد.

– رفض الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.

– ضرورة الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي الذين لم تشملهم مراسيم العفو السابقة.

– حق إبداء الرأي غير قابل للانتهاك، والحريات العامة حق لكل مواطن.

– التوصية بإطلاق سراح جميع الموقوفين خلال الأحداث الأخيرة.

– إنشاء مجلس أعلى لحقوق الإنسان في سورية.

– المعارضة الوطنية جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوري.

– هيبة الدولة جزء من التفويض الوطني.

– إقامة دولة الحق والقانون والعدالة والمواطنة والتعددية والديمقراطية التي تعتمد صناديق الاقتراع أساساً للتفويض السياسي، وسورية هي بلد التعددية.

– رفض التدخل الخارجي بشؤون سورية.

– تطبيق مبدأ سيادة القانون ومحاسبة الجميع دون استثناء.

– تحرير الجولان والتأكيد على الثوابت الوطنية والقومية المتصلة بالصراع العربي الصهيوني.

كما قرر اللقاء إعداد مشاريع قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام وتجهيزها بشكلها النهائي لإقرارها وإصدارها.

أما فيما يتعلق بالمادة 8 من الدستور وبعد نقاشات وتبادل وجهات نظر مختلفة، فقد ارتأى (اللقاء) أن تعديل هذه المادة يستدعي حتماً تعديل العديد من مواد الدستور، لذلك أوصى بتشكيل لجنة قانونية سياسية لمراجعة الدستور بمواده كافة، وصياغة دستور جديد.

إن اللقاء الاستشاري هو خطوة إيجابية جدية على طريق المؤتمر الوطني العام، وعلى طريق التصالح والعمل المشترك بين جميع القوى الوطنية في البلاد وبضمنها المعارضة الوطنية، من أجل وقف نزيف الدم، وإنقاذ الوطن.

والإصلاحات المراد تطبيقها في البلاد بموجب النهج الذي سار عليه هذا اللقاء، وبضمنها التعديلات الدستورية المرتقبة، لا تعني على الإطلاق إلغاء، أو الإجهاز على المكتسبات التقدمية التي حققتها سورية خلال العقود الأربعة الماضية، بل ستؤدي هذه الإصلاحات إلى تعميق وتوطيد كل ما هو وطني وتقدمي في ماضي سورية وحاضرها، واستبعاد كل ما هو سلبي فيه.. وإن القوى الكادحة في المجتمع التي كان لها الفضل الأكبر في تحقيق المكتسبات الاجتماعية لن تتوانى، في أي ظرف من الظروف، وفي ظل أي نص قانوني، عن متابعة النضال من أجل التقدم الاجتماعي والديمقراطية.

ويدعو الحزب الشيوعي السوري (الموحد) كل القوى الخيرة في البلاد للتضامن وتوحيد الصف من أجل إنقاذ هذا الوطن الغالي سورية، وهو هدف لا يعلو عليه أي هدف آخر.

النور 493 (20/7/2011)

 

العدد 1104 - 24/4/2024