أربع سنوات على أزمة الوطن وغزو الإرهاب

أربعة أعوام والأزمة تعصف باستقرار مجتمعنا، وما زالت الدماء تسيل في مختلف المناطق ،ويستمر التخريب الإرهابي المتعمد لكل ما أنجزته الأيدي العاملة الخيرة في العقود الماضية، وتتساقط منشآتنا الحيوية وقطاعاتنا المنتجة.. وبيوت.. وأملاك المواطنين مهدمة.. أو محروقة.

لقد استغلت الامبريالية الأمريكية وحلفاؤها المطالب السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب السوري، ولجأوا إلى التدخل السافر المتعدد الأشكال بالشأن السوري،وكان لهذا التدخل الأثر البالغ في صبغ هذه الأزمة بالتصعيد والعنف وإراقة الدماء.

إن طموح الشعب السوري إلى التعددية والديمقراطية كان مطلباً عبرت عنه فئاته المختلفة قبل الأزمة وخلالها.. فاستمرار وجود حزب على رأس الدولة والمجتمع، رغم ما أنجزه في العقود الماضية، كان عاملاً في استبعاد الآخر الوطني، وغياب تداول السلطة فتح المجال لارتكاب التجاوزات، وغياب المحاسبة ترك أثراً سلبياً على العلاقة بين السلطة السياسية وأفراد الشعب، وجاءت القوانين الجديدة للأحزاب والإعلام والدستور- رغم بعض التحفظات على العديد من موادها- لتفتح باباً أمام إمكانية تجديد النظام السياسي للبلاد.

كذلك فعلت السياسات الاقتصادية النيوليبرالية في العقد الماضي فعلها في إثارة غضب الجماهير الشعبية، التي شعرت بسبب معاناتها المعيشية الاجتماعية، أن الدولة تراجعت عن دعمها للفئات الفقيرة والمتوسطة، وانحازت إلى الفئات الثرية.. المالكة.. والأغنياء (الجدد)، في الوقت الذي كانت فيه جماهيرنا الشعبية تنتظر تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة، تنهض الاقتصاد الوطني، وتلبي متطلبات التنمية الاجتماعية، للخلاص من الفقر والبطالة والتخلف،وتعيد توزيع الدخل الوطني بين فئات المجتمع، استناداً إلى مبادئ العدالة الاجتماعية.

لكن هذه العوامل الداخلية تبقى أموراً تخص السوريين وحدهم، وهم قادرون على حل أزمتهم بوسائلهم السلمية، عبر خلافهم وتوافقهم.. أمور تخص القوى السياسية السورية، وبضمنها قوى المعارضة الوطنية، والجسم الاجتماعي السوري بمختلف أطيافه السياسية والاجتماعية والدينية .

لقد وجد التحالف الدولي المعادي لسورية، الذي تقوده الولايات المتحدة في الأحداث السورية، فرصة سانحة لتطويع السياسة الوطنية المعادية للإمبريالية،وتحقيق المخطط القديم.. الجديد بإنشاء فضاء إقليمي يضمن استمرار هيمنة الولايات المتحدة على ثروات المنطقة،ويعيد الأوربيين إلى الأسواق القريبة، بعد أن دخلت أزمتهم مرحلة الاستعصاء.. ويبدد قلق أمراء النفط من الانتفاضات الشعبية التي ملأت شوارع المدن العربية، ويطلق يد العثمانيين الجدد للغزو الاقتصادي، بعد أن تبدد حلمهم أمام البوابة الأوربية،واستنفر هذا التحالف كل وسائله الإعلامية والمالية والعسكرية، وتحالف مع أشد المنظمات السلفية الإرهابية إجراماً، لتحقيق أهدافه، وسخّر إمكاناته الهائلة لإرسال المتسللين (الجهاديين) المدججين بالسلاح الأمريكي الأوربي، المحملين بملايين الدولارات النفطية، عبر حدود الجار (العثماني) -الذي فتحت له سورية أبوابها قبل سنوات، كشريك وشقيق –  لتهديد سورية،وقتل شعبها ومنع أي حل سياسي لأزمتها عبر الحوار الوطني الشامل.

بعد أربع سنوات من اندلاع حرب عبثية أشعلها الحقد. ونفخ في نارها أعداء سورية في الداخل والخارج، آن للمساعي الدولية،والداخلية أن توقف النزيف،وأن تتوجه جهود المجتمع الدولي إلى المساعدة في لجم المجموعات الإرهابية في سورية التي باتت تشكل خطراً إقليمياً.. بل دولياً. هذا ما ينتظره شعبنا من المبادرة الروسية،والحوار السوري – السوري الشامل الذي نعده الطريق الوحيد الآمن لإنهاء معاناة  الشعب السوري،والحفاظ على كيان الدولة السورية .

 

الدفاع عن الوطن وردع الإرهاب التكفيري الإقصائي،والوقوف خلف قواتنا المسلحة الباسلة، لاستعادة جميع المناطق السورية،وفرض هيبة الدولة ومؤسساتها وقوانينها،هي المهمة الأكثر إلحاحاً في المرحلة الراهنة.إضافة إلى متابعة الجهود الداخلية الصادقة..والتحرك الروسي والدولي لتحريك الحوار السوري- السوري دون تدخل الخارج،للتوافق على كيفية الخروج من الأزمة،والتمهيد لعقد الحوار الوطني الذي كنا من أوائل المطالبين بتحقيقه،لرسم ملامح التغيير السلمي نحو سورية الديمقراطية العلمانية التقدمية،المعادية للامبريالية الأمريكية والاستعمار الجديد والصهيونية .

ولضمان الاستمرار في التصدي للإرهاب التكفيري،ينبغي استمرار دعم الجماهير الشعبية ممثلة بالطبقة العاملة والمزارعين وجميع الكادحين،فهم السند الحقيقي لصمود سورية،والتراجع عن جميع القرارات التي تقلص دعم الحكومة لاحتياجاتهم المعيشية والصحية والاجتماعية ، وخاصة تلك القرارات التي ألغت الدعم عن أسعار المازوت..وزادت أسعار الغاز والخبز، والعمل على تخليص جماهير الشعب السوري من منغصات مزمنة كالتوقيف العشوائي والاستهتار بكرامة المواطنين،والقضاء على الفساد بجميع أشكاله،فهو الطابور الخامس في معركتنا ضد الإرهاب .

سنبقى متفائلين بنهاية سلمية قريبة لأزمة السوريين.

2015

العدد 1102 - 03/4/2024