بمناسبة الذكرى الثالثة لسيطرة القوات التركية على عفرين

كانيوار علي:

إثر غزوٍ دام 58 يوماً تحت عنوان (غصن الزيتون)، وهدفها المعلن (تحرير عفرين)، وفي مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات، تمكّن تحالف القوات التركية والفصائل السورية المندرجة تحت مسمى الجيش السوري الحر من بسط سيطرته على منطقة عفرين الكردية بشكل شبه كامل، وبضمنها مدينة عفرين المركز، باستثناء عدد قليل من قرى روبار وشيراوا. منهيةً بذلك سلطة الـ pyd وإدارتها الذاتية التي استمرت قرابة ست سنوات. وقد سبق الغزو تحضيرات وعمليات حشد عسكري ولوجستي ونشاط إعلامي مكثف من قبل السلطات التركية وإعلام المعارضة السورية، والتركيز على مبررات ودواعي الحفاظ على الأمن القومي التركي الذي يتعرض للخطر والتهديد من قبل تنظيم الـ pkk حسب زعمهم، مما يستدعي ضرورة القضاء على سلطة الـ pyd وإدارتها كامتداد سوري للتنظيم المذكور وضرب جناحه الغربي كخطوة أولى.

وسواء أثناء التحضيرات أو خلال مرحلة الحرب كان الإعلام التركي والسوري المعارض يؤكد أن الـ pyd هو المستهدف وليس المواطنين الكرد، وأنهم أي المواطنون الكرد إخوة ولن يمسهم أي سوء، بل يجري تحريرهم من سلطة هذا التنظيم، لكن سرعان ما انكشف زيف تلك التطمينات.

ومن البديهي أن العملية برمتها كانت تندرج في سياق الصفقات والمقايضات بين اللاعبين الإقليميين والدوليين، ومن المؤسف وقوع القوى المتصارعة السورية، على اختلاف مواقفها ومواقعها، في هذه الفِخاخ وتورطها في تمريرها.

إن عملية الاجتياح والسيطرة والواقع الناشئ عن ذلك يمكن أن يندرج تحت أي مسمى أو توصيف إلا مسمى التحرير، فالتحرير لا يعني مجرد قيام قوى ما بانتزاع رقعة جغرافية من سيطرة قوة أخرى وإحلال سلطتها محلها فحسب، بل تحرير الإنسان من واقع وأجواء القمع والاستبداد والخوف وهدر كرامته، وإرساء واقع جديد يسوده الأمن والأمان والطمأنينة وسيادة القانون والعدالة وصون كرامة الإنسان دون تمييز، والحفاظ على الممتلكات ومصادر ومقومات عيشه وضمان الحريات.

وها قد مرت ثلاث سنوات على سيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة السورية على منطقة عفرين ومسلسل الانتهاكات الشاملة والممنهجة مستمر.

إن البعض يفسّر هذه الانتهاكات على أنها سلوكات فردية، وأن ما يحصل في عفرين يحصل في باقي المناطق الخاضعة لسيطرة الأتراك والمعارضة السورية.

ولا شك أن مثل هذه التفسيرات ما هي إلا بمثابة ذر الرماد في العيون والتنصل من المسؤولية السياسية والأخلاقية عما يحصل على أرض الواقع بسبب السياسات العنصرية الممنهجة، والرامية إلى نسف وطمس خصوصية المنطقة وإلغاء هويتها الكردية.

إن التقارير الصادرة عن المنظمات واللجان، وبضمنها التابعة للأمم المتحدة والمعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان زاخرة بالمعلومات والأرقام عن الانتهاكات التي تحصل في منطقة عفرين.

إننا في الوقت الذي ندين ونستنكر استمرار هذه السياسات الممنهجة والانتهاكات الواسعة بحق أبناء المنطقة الكرد خصوصاً، فإننا نحمل السلطات التركية وفصائل المعارضة السورية المسؤولية عن استمرارها ونطالبها بتغيير سياساتها وسلوكها والقيام بواجباتها وفق العهود والمواثيق الدولية تجاه السكان المحليين.

كما نناشد ونطالب المنظمات الأممية والقوى الدولية ذات التأثير رصد الأوضاع عن كثب والقيام بواجباتها السياسية والأخلاقية وممارسة صلاحياتها وإمكاناتها في الضغط على الجهات المسؤولة عن استمرار هذه الانتهاكات وفرض رقابة وحماية دولية مؤقتة للمنطقة وتسليم إدارتها لأبنائها إلى حين إيجاد حلول عادلة وناجعة للأزمة السورية.

عفرين في ١٨ / ٣ / ٢٠٢١ م

 

العدد 1102 - 03/4/2024