تاج الدين الموسى وجريدة النور.. على جدار أم جورج
عبد الرزاق دحنون:
صباح يوم الأربعاء 22/2/2012 رحل عن دُنيانا الصديق العزيز والقاص المُبدع، وكاتب المقال المتميّز، والإنسان الطيب، وعضو اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي السوري الموحد: تاج الدين الموسى، بعد نضال عنيد مع المرض. انفلتت قدم تاج الدين الموسى من ركاب الحياة، وانطلق الحصان وحيداً بلا فارس. وهذا القلب الذي حزّ فيه الألم يرجِّع صدى الخسارة الكبيرة كصدى سهول بلدته التي ولد فيها: (كفر سجنة) عندما تسقط على ترابها شجرة زيتون ضخمة أصابتها الصاعقة.
بموت تاج الدين الموسى يشعر المرء بأنه قد فقد شيئاً من نفسه. انتزع القدر منا إنساناً يفيض حُباً لبني البشر، وهذا جزء بسيط من طبيعته. جاء إلينا فلاحاً بسيطاً من تلك البراري الواسعة التي تحتضن رفات أبو العلاء المعري وعمر بن عبد العزيز، وغادرنا علماً من أعلام القصة القصيرة في سورية ومناضلاً لا يعرف الهوادة ضدّ العبودية والاستبداد.
كان تاج الدين الموسى أميناً في حبه ودفاعه عن المستضعفين في الأرض، لا يُميز بينهم في الدين أو العرق أو الجنس. وصداقاته امتدت على كامل التراب السوري من درعا في أقصى الجنوب إلى حلب في أقصى الشمال، ومن الساحل السوري غرباً إلى الجزيرة الفراتية شرقاً. وهو ينضم إلى فئة الكتاب ذوي الأهمية البالغة بالنسبة للعصورـ أولئك الذين تجاوزوا زمانهم في نضال حاسم لا هوادة فيه من أجل حرية الإنسان وكرامته، ومن أجل ترسيخ المثل العليا الجديدة للوجود البشري.
اسمحوا لي أن أضيف بضع كلمات أخرى، وأن أسأل: كيف استطاع هذا الريفي القادم من بيئة ثقافية فقيرة أن يكوّن لنفسه ميزة خاصة في الفن القصصي في سورية؟
من الصعب الجواب عن هذا السؤال رأساً، إلا أن نقاء سريرة تاج الدين الموسى وإخلاصه وحُسن نواياه وصدقه الشديد وبساطته ومعارفه الواسعة في شتى فنون القول أهّلته كي يمتطي ناصية القول بثقة وجدارة.
لقد سمحت لنفسي بالكلام عن تجربة تاج الدين الموسى، لمعرفتي الشخصية بالناس الذين كتب عنهم. هؤلاء الأبطال المدهشون الذين يحترقون باللهيب الداخلي لحماسهم الشديد، ولا يعرفون التهاون في مكافحة الشرور، ولا يخونون ضمائرهم ويداهمون على رؤوس الأشهاد كل ما هو دنيء وظلامي في الحياة، إنما هم أعزاء علينا ونحن نُحبّهم.
إذا أصخنا السمع إلى مسيرة كتاب محافظة إدلب فسنسمع حتماً صوت تاج الدين الموسى، هذا الحادي الجميل لقوافل الضمير الحي، وبودي أن أقول هنا ببالغ الاعتزاز: إنني أفخر كل الفخر بهذه السنين التي تقاسمناها مع إنسان كريم شجاع، نُكنّ له كل الوفاء والتقدير.
تاج الدين الموسى.. أنت معنا دائماً.