سلام منتصبي القامة
كتب رئيس التحرير:
الدولة السورية لم تستسلم، والسوريون لا يعرفون الاستسلام. من واجه أشرس غزو إرهابي فاشي عرفته البشرية، لا يعرف الاستسلام.
الفرق كبير بين من يذهب إلى الخلاص زاحفاً على بطنه، ومن يذهب إليه منتصب القامة، بعد أن قاوم الغزو الفاشي نيابة عن دول العالم وشعوبه. لكلّ حربٍ نهاية، ولكلّ محنةٍ تواجه شعباً أمدٌ سينتهي، لكن النهايات ليست واحدة.
عشر سنوات قاسية، ظالمة، أدمت قلوب السوريين، لكنهم وقفوا إلى جانب جيشهم الوطني لمقاومة الإرهاب، والاحتلال والعدوان، والهدف كان وما يزال هو الحفاظ على سورية الدولة الأرض والسيادة، ووحدة أطياف الشعب السوري، وهذا هو المعيار اليوم للتفرقة بين الاستسلام والسلام.
إن السعي بإخلاص لإنجاح جهود التسوية السلمية للأزمة السورية، سواء في أستانا أو جنيف أو سوتشي_ وكنا نريدها في دمشق_ بعد أن استعاد جيشنا الباسل معظم الأرض السورية، ورفضنا المساومة على سيادة بلادنا ووحدة شعبنا، إن هذا السعي يعني اليوم إنهاء عذابات الوطن والمواطن، يعني الخروج من نفق أسود أرادوه لنا في التحالف الدولي المعادي لسورية مستقراً أبدياً، ويعني التوجه إلى توحيد جهود جميع السوريين من أجل التوافق على غد سورية الذي يحقق طموحاتهم إلى وطن حر وسيد وموحد أرضاً وشعباً، وطن يستوعب توق السوريين إلى الديمقراطية والعلمانية والتقدم.
لقد شهد السوريون في تاريخهم المعاصر أحداثاً كبرى، ودفعوا الثمن الأغلى لقاء مواجهتهم لمخططات الاستباحة والهيمنة، وآن لهم اليوم، بعد محاولة غزو فاشي إرهابي واحتلال متعدد الجنسيات لأجزاء من أراضيهم، ومعاناة معيشية وصلت إلى مرحلة الفقر والجوع والتشرد واستمرت سنوات عشراً، عانوا خلالها الحصار والعقوبات الظالمة، وتخبط السياسات الحكومية وتهميشها لآلامهم وهم يبحثون عن الغذاء والدواء والدفء، آن لهم أن يذهبوا إلى السلام منتصبي القامة، فلكلّ حرب نهاية.
والنهاية التي نريدها ويريدها السوريون هي التي تحافظ على السيادة والأرض، ووحدة الشعب، وخيارات المواطنين السوريين، هي الثوابت الوطنية التي يتمسك بها من وقف خلف المتاريس عشر سنوات في مواجهة الإرهاب والعدوان دفاعاً عن سورية.
وبغض النظر عن نتائج هذا اللقاء الدولي أو ذاك، أو نجاح هذا المسعى السلمي أو غيره، فالعمل من أجل التسوية السياسية اليوم هو إرادة السوريين جميعاً، لقطع الطريق على المستفيدين من محاولات (تأبيد) الأزمة السورية من تجار الحروب ودعاة التقسيم والطائفية.
سورية والسوريون يستحقون اليوم سلام الشجعان الذين دافعوا عن كل شبر من الأرض السورية، وعن تآخي جميع أطيافهم الدينية والاجتماعية والاثنية.
لا للاحتلال.. لا للتقسيم.. لا للتطبيع.. ونعم لسلام منتصبي القامة.