بين ذهنية الجباية وكفاءة المعالجة

فؤاد اللحام:

شهدت البلاد خلال الفترة المنصرمة وما تزال تشهد العديد من الإجراءات والقرارات الرامية إلى تحقيق إيرادات حكومية من مختلف المجالات وبمختلف السبل.

هذه الإجراءات لا يمكن حصرها بتخفيض الدعم عن العديد من السلع والخدمات ورفع أسعارها وتحديد كميات محددة ضمن فترات محددة يتزايد طولها بين فترة وأخرى، بل شملت أيضاً فرض رسوم جديدة تحت مختلف المسميات والتبريرات لتأمين المزيد من الإيرادات، بحجة تأمين المستلزمات الضرورية للبلاد والمواطنين في ظل مواجهة الحصار والعقوبات.

الإجراءات الحكومية على الرغم من اختلاف مسمياتها وشمولها، انعكست سلباً على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد من خلال ارتفاع تكاليف المعيشة وتدني القدرة الشرائية المحلية، وبالتالي ضعف الطلب على المنتجات المحلية الذي انحصر بالأكثر ضرورة والممكن منها.

في الواقع إن رفع أسعار المنتجات والخدمات ينعكس بشكل مباشر على أسعارها من قبل منتجيها ومسوقيها. ولكن ليس كل الذين طبقت عليهم أو يعانون من نتائجها قادرين على عكس تلك الزيادات على منتجاتهم وخدماتهم بشكل يضمن استمرار تسويقها وبيعها.

المشكلة على أرض الواقع، كما تبدو اليوم، أن سياسات وإجراءات الجهات الحكومية المعنية في إطار بحثها عن موارد إضافية جديدة لا تفرق بين الحصول على مورد مؤقت، وتوليد مورد دائم أو الحفاظ عليه أو تنميته، في الوقت التي هي في أمس الحاجة فيه إلى موارد دائمة ومتزايدة، وهو ما لا نلاحظه بالشكل المطلوب حتى الآن. بمعنى أن الجهات المعنية تغلب ذهنية الجباية على عقلية المعالجة والضرورة التي تقول بأن التضحية بمورد صغير من أجل خلق مورد دائم بعد فترة قصيرة هو المطلوب وهو الأفضل من موارد مؤقتة ستؤدي على الأغلب في حال الاستمرار بتطبيقها بالشكل الذي يتم إلى تجفيف هذه الموارد سواء المؤقتة أو الممكن استدامتها.

من جديد نؤكد أن المطلوب بل الضروري والملح اعتماد برمجيات أخرى فعالة وغير تقليدية للعديد من سياساتنا الاقتصادية.  وقد آن للمعنيين الاستجابة لهذه الضرورة قبل فوات الأوان.

العدد 1104 - 24/4/2024