الجوع يدق ناقوسه في السويداء والأصوات تعلو: احذروا من ثورة الجياع!

السويداء- معين حمد العماطوري

لم يعد الفرح مُتاحاً في السويداء هذه الأيام، لأن التفكير في توفير متطلبات الحياة اليومية أخذ سعادة أفرادها وفئاتها، فارتفاع الأسعار والفلتان الأمني والأخلاقي والقيمي أضفى على الحياة بشاعة البؤس والفقر والقرف مما يجري، والأصوات تعلو: كيف يمكن أن نبني علاقة صدق ونطالب أولادنا بالشفافية وقد ساد في صفوف مجتمعنا الكذب والنفاق من أصحاب القرار الاجتماعي والسياسي؟

يقول كثيرون من أبناء السويداء: كيف يستطيع عقلنا القبول بالسلع على اختلاف أنواعها بأسعار متفاوتة بين تاجر وآخر وكلٌّ منهم يبيع وفق ما يحلو له من القيم السعرية ولا أحد يستطيع مجابهته؟

لا حماية للتموين، ولا جدوى للمواطن من شكواه، ولا قانون يطبّق، والسائد الأقوى هو من يملك السلاح وعدداً من الرجال المسلحين.

كيف يجري ارتكاب الجرائم أمام المجتمع، ورغم إبلاغ الشهود عن حدوث الجريمة يصبح الحق باطلاً، والمجرم ضحية، بسبب تزوير الحقائق والتلاعب بتقارير الأطباء الشرعيين الذين أقسموا قسم أبقراط لحمل مهنة الإنسانية والأخلاق، واستخدام المال الأسود بشراء ضمائرهم، فيصبح بشرعهم القاتل بريئاً، بحجة أنه من أصحاب النفوذ والدعم من أصحاب القرار الذين عاثوا فساداً وطغياناً وتشويهاً وتزويراً بدوائر القضاء والعدلية وذات العلاقة؟

هل المطلوب العودة إلى أخذ الثأر، وأن يُقتل القاتل بيد أصحاب الحق دون احترام القانون وسيادة التشريع؟

في السويداء وعند كل صباح ومع نور الفجر تستمع لتنهدات الحياة والتفكير العميق لرب الأسرة الباحث عن تأمين لقمة العيش بكرامة لأفراد أسرته، والمؤسف أن العمل الشريف لا يكفي أن يطعم صاحبه ولا يكفيه سد حاجاته، فقد استطاع المهيمنون شرعنة السرقة والرشاوي والنهب على حساب القانون والأخلاق والقيم، ووضعوا المجتمع بجميع فئاته في قوالب الاتهام. ويومياً يرفع العديد من المسنين الأيادي للسماء يطلبون من الله أن يرحمهم بنقلهم من هذه الدنيا، ليرتاحوا من عواقب ممارسة القهر والذل من أفراد لا وطن لهم إلا الابتزاز والسرقة والنهب والإذلال في تأمين الاحتياجات اليومية من الخبز والغاز والمازوت والكهرباء والمياه والمواد الغذائية والألبسة والصحة والنقل، وهو أمر لم يتعرّض له بهذه الحدّة منذ خمسينيات القرن الماضي إلى يومنا.

لماذا تحطمت أحلام الشباب وطموح الأسر وأفراد المجتمع على أسوار الابتزاز والفساد؟

الوعود تحت قبة البرلمان كثيرة، ومع كل وعد يزداد التضخم وتضعف القوة الشرائية وتزداد الأسعار ودرجات الفساد.

(النور) مزجت تلك الأفكار وتماهت مع المطالبين بإيصالها إلى المعنيين، ولكن ثقتنا كبيرة أن الصم والبكم من أصحاب القرار يعملون على علاج صممهم بصمم أقوى وبكمهم بمنع النطق.. من خلال توسيع هوة انعدام الثقة، فالثقة أصلاً شبه معدومة، بين المجتمع والحكومة.

والسؤال الذي يطرحه الشارع: هل وصل أصحاب قرار الاستخفاف بعقول الشعب إلى درجة أنهم باتوا يصدقون ما يشاؤون من الأفكار المخالفة والمتناقضة مع العلم والفكر؟

أم يعتبرون كذبهم ونفاقهم وسيلة لتأسيس ثرواتهم وكسبهم غير الشرعي وبناء ثروتهم المالية كي يستطيعوا العيش برفاهية ما يشاؤون من الزمن؟!

ألم يئن لهذه الحكومة أن تخجل من تصريحات أعضائها وهم يكذبون بعضهم بعضاً؟!

كثيرون في السويداء باتوا يضجّون من الجوع والقهر والفلتان الأمني وفقدان المرجعية القانونية والاجتماعية والسياسية والدينية والأخلاقية، ولهذا يصرخون بأعلى الصوت نحن مع الوطن، ولكن الجوع كافر، كما يقال، واحذروا من ثورة الجياع!

العدد 1102 - 03/4/2024