توسّع اقتصاد الظل

فؤاد اللحام:

شهدت المناطق والمدن المختلفة في سورية خلال الأزمة، وما تزال تشهد، توسعاً غير مسبوق في اقتصاد الظل في مختلف المجالات الاقتصادية، لأسباب عديدة فرضتها ظروف الأزمة ونتائجها، في مقدمتها تأمين سبل العيش وتوفير ما يمكن من احتياجات السلع الضرورية وخاصة الغذائية. كما أدى ضعف سيطرة الأجهزة والجهات الحكومية المعنية بل وتساهلها أحياناً تحت شعار تلبية ما يمكن من احتياجات المواطنين، أو بسبب الفساد في ازدياد حجم هذا الاقتصاد وانتشاره.

تذهب معظم التقديرات إلى أن نسبة اقتصاد الظل في سورية ارتفعت من نحو 40-45% قبل الأزمة الى نحو 70% في الوضع الحالي. وقد أظهرت البيانات الأخيرة لمشروع التعداد الشامل للمنشآت الصناعية العاملة في سورية أن ما يقارب ربع عدد المنشآت التي تم إحصاؤها يعمل خارج الحالة المنظمة، وذلك لأسباب أو مبررات خاصة بنشأتها.

 لقد ساهم اقتصاد الظل الصناعي في زيادة النشاط الاقتصادي والدخل القومي، وسدِّ جزءٍ من احتياجات المجتمع من العديد من المنتجات الصناعية وخاصة الغذائية والمنظفات وعدد من الأدوات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية التي فرضتها ظروف الأزمة، سواء بسبب نقص الإنتاج المحلي النظامي أو بسبب ظروف المقاطعة والحصار، وكذلك تأمين العديد من فرص العمل وسبل العيش. وعلى الرغم من كون المنشآت غير النظامية قد لعبت دوراً ايجابياً في هذا المجال، إلا أنها حملت عدداً من المظاهر السلبية في بعض الحالات، وخاصة فيما يتعلق بنوعية منتجاتها ومواصفاتها وسلامتها للاستهلاك، وخاصة الغذائية، أو فيما يتعلق بحقوق العاملين فيها أو حقوق الخزينة العامة.

مما لا شك فيه أن اقتصاد الظل موجود بهذا الشكل أو ذاك في كل الاقتصادات العالمية، ولكن بأشكال ونسب مختلفة قد لاتصل إلى ما هو عليه في سورية. الأمر الذي يتطلب تحليل الظروف والأسباب التي أدت وماتزال تؤدي إلى توسع هذا الاقتصاد، ووضع خطة وطنية لاستيعابه ومعالجة ما يمكن من الأسباب التي أدت إلى انتشاره، وبشكل خاص ما يتعلق بتحسين بيئة العمل وتبسيط الإجراءات وشروط الترخيص وتسهيل التمويل وتخفيف الأعباء المالية وغيرها على المنشآت الصغيرة والمتناهية الصغر وإعطاؤها مهلة زمنية معقولة لتعديل أوضاعها بشكل يحفزها على الانضمام إلى الاقتصاد المنظم.

العدد 1104 - 24/4/2024