أعوام تمضي ومازالت أحلامنا تقف خلف الأمنيات

وعد حسون نصر:

سنوات من حرب طاحنة نزفت دماؤنا فيها على كل بقعة من أرض سورية، وما زالت تنزف مع كل لقمة خبز على طابور الذل أمام نوافذ التوزيع، مع كل رعشة برد تحت رحمة موزع الوقود، مع كل لقمة شهية لذيذة وطازجة على رغبة موزع الغاز، ومع كل عتمة وقهر وحرمان بصيص النور تحت رحمة القطاع المشغل للتيار..

مازلنا نرنو بأحلامنا بعيداً، ننتظر فسحة أمل تحمل لنا البشرى بيوم جديد، بعام قادم محمّل بالحقوق، لا نريد رفاهية نريد فقط أبسط حقوقنا، إذ بات واضحاً  تشابه أيامنا ومرورها بأعوام لا جديد فيها، ومع هذا لابدّ أن نترك بريق أمل صغير بقادم أفضل ولو بقليل بعد ظنّنا أننا قمنا بطي صفحة من الدم، لكننا دخلنا في حرب باردة نتصارع فيها مع الحياة للبقاء، فالعام الماضي كنّا نتخبّط في الحياة لننال منها رشفة بقاء أو ترياق شفاء،  لكن للأسف دخل العام الجديد حاملاً معه هموم سابقه فاستقبلناه بظلمة وعلى ضوء الشموع، حتى شموعنا لم نُنِرها للأمنيات التي غابت عنّا، أنرناها لنرى أمامنا الوقت وهو يمضي للعام الجديد بعد تغييب الكهرباء.

على الرغم من الأمل الضعيف بعامنا الجديد وخاصةً على صعيد الخدمات، لكننا نأمل ونرجو تحسّن هذه الخدمات، نأمل بمنحنا شتاء دافئاً نحن وصغارنا، شوارع نظيفة منارة، ومنازل تنعم بضوء هو خدمة وواجب من قبل الدولة وحق لنا وخاصةً أنها خدمة مأجورة، نأمل بالتحسّن في الجانب الصحي والمستشفيات العامة، سواء من حيث العلاج انتهاءً بالنظافة والدواء والمعاملة الحسنة وخاصةً ممن يًسمّون ملائكة الرحمة، كذلك الرأفة بمن ظروفهم لا تمكنهم من العلاج بالمستشفيات الخاصة من حيث الدور والعدل بنيل حقهم من التصوير والعمليات. والأكثر أهمية والأساسية في عامنا الجديد الذي تبدو الرؤية فيه ضبابية التحسّن في الجانب التعليمي، خاصةً أن نسبة كبيرة من أبناء بلدي في سن التعليم هم خارج هذا النطاق، إمّا في العمل لإعانة الأسرة أو متشردين بلا مأوى، لأن الحرب هدمت بيوتهم وسلبتهم دفء جدرانها، كذلك الانقطاع العام الماضي فترة طويلة بسبب الوباء أدى إلى ضعف بالتلقي عند البعض من طلابنا وهذا يتطلب تعويضهم من قبل الكادر التدريسي بالفاقد التعليمي. أما بالنسبة للعمل والخريجين والشباب، فإن ما يعانونه منذ أبد الآبدين ليومنا هذا من انتشار البطالة بسبب انعدام العدالة بتوفير فرص للعمل الشبابي. كما نرغب من الحكومة أن تنظر لنا من باب حقنا بعمل يعود علينا بدخل خاصةً أن معظم شبابنا من الخريجين وهم أحق بالوظائف في قطاعات الدولة وفي مراكز تليق بهم، كل هذا ولم تنتهِ بعد الهفوات الأخطاء المحمّلة من الأعوام السابقة لعامنا الجديد والذي لا أظن أنه يختلف بالكثير عنهم، فالبداية بلا ماء وكهرباء تبشر أن القادم لن يكون أفضل. كما نأمل وهو حق لنا وواجب من الدولة بأن تخصص رواتب صغيرة للمسنين الذين لا معيل لهم تمكنهم من شراء طعامهم ودوائهم. كذلك جعل مراكز إيواء مجهزة بخدمات تعليم وصحة وغذاء لمن سلبتهم الحرب بيوتهم ولم يعد لهم عائلة ولا سقف. كذلك نأمل بمراقبة الفاسدين للحدِّ من الفساد المستشري بقطاعات الدولة. وعلى صعيد الاتصالات أن نشهد تحسناً خاصةً بمزودات الخدمة المأجورة بما أننا مقبلين على عالم إلكتروني واتصال عن بعد بانتشار الجائحة والذي من أهم وسائل الوقاية من الوباء أن نكون في تباعد، لذلك فعِّلوا مراكز خدمية تعمل عبر الإنترنت حتى لا تكتظ دوائرنا بالمراجعين..

كل هذه الأمنيات هي بالأصل هفوات يفترض تصليحها وتجاوزها في عامنا الجديد هذا، فمن المعيب أن نكون في عام (2021) ومازلنا نعاني من فقدان الوقود والطعام والخبز الذي يعتبر خطاً أحمر لا يجوز العبث به، مازلنا نفتقد الكهرباء المقوم الأساسي للتطور وعصب الحياة، نعيد إصلاح هفوات الماضي بالحاضر، دعونا ننعم بعام جديد معكم خالٍ من المشاكل، تدور فيه عجلة الحياة لتنمو خيرات بلادنا، فلماذا نجوع ولدينا كل الخير، ومع  قدوم عامنا الجديد نتمنى أن ننعم  ببلد خالٍ لو بجزء بسيط من سوء خدماته، مفعم بالحب لنتخلّص من الحقد والوباء ونرمم الجراح القديمة، فهذه حقوقنا وليست واجبات كما تظنون ؟!

العدد 1102 - 03/4/2024