حقوق الإنسان بين شعارات وأغراض سياسية

ريم داوود:

السلامة والكرامة والمساواة على كوكب ينعم بالصحة.. هكذا استهلّت الأمم المتحدة شعارها!! فهل نالت البشرية من هذا الشعار حقاً، أم أنه مجرّد حروف صُفَّت جنباً إلى جنب كما ينظم السياسيون خطاباتهم التي لا تنتهي؟

أثناء بحثي عبر محرك البحث google عن تاريخ تأسيس منظمة حقوق الإنسان والهدف الرئيسي منها، انتابتني موجة من الضحك علت جدران منزلي، كيف لا وأنا أقرأ ما يلي: (ورد مصطلح حقوق الإنسان مرات سبع في الميثاق التأسيسي للأمم المتحدة، ممّا يجعل تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها غرضاً رئيسياً، ومبدأ توجهها الأساسي). ويضيف: (حيث تعمل المنظمة عملاً متفانياً على حماية حقوق الإنسان من خلال صكوك قانونية وأنظمة ميدانية)- انتهى الاقتباس.  جلست لبرهة أتأمل ما كُتب في ميثاق الأمم المتحدة، أبكي حالنا وما آلت إليه ظروفنا منذ أكثر من عشر سنوات، وأتساءل: هل أُسِّسَت هذه المنظمات لمؤازرة الإنسان وتقديم الدعم والعون له، أم أنها أُنشِئَت لأهداف وأغراض سياسية؟ وإن كان الهدف منها إنسانياً كما يزعمون، فأين نحن من هذه الإنسانية؟

حروب، دمار، تهجير، هجرة عقول، خطف، قتل، تجويع وترهيب.. كلّها مصطلحات تقشعرّ لها الأبدان، وممارسات حصلت ولا تزال على أرض سورية، انتهاك للإنسانية والكرامة والسلام، فأين أنتم يا بناة السلام والكرامة من حقوق شعب هُدِرَتْ وانتُهِكَتْ حتى الرمق الأخير، عقوبات أبكت الحجر قبل البشر طالت الجانب الصحي قبل المعيشي في زمن بات فيه الوباء يحصد الأرواح حصاداً.. فعن أي حقوق تتكلمون يا من دثرتم بتغاضيكم وخذلانكم كل ميثاق وحق؟

إننا اليوم في وطني سورية نلملم أشلاء وبقايا إنسان صدّعت السنون تآلفه وبعثرت الأعوام كرامته.. فعن أي منظمة تتكلمون؟ وعن أي حقوق تدافعون؟ إننا بعد معاناة دامت أعواماً، بتنا نبحث عن أبسط الحقوق، نتقصّى مستوى معيشياً لائقاً وحقاً في المأكل والمشرب والرعاية الصحية، وهذا ما أُدرج ضمن البند الثاني من حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية حسب تصنيف منظمة الأمم المتحدة. حالٌ يرثى لها، تردٍّ اقتصادي واجتماعي وصحي غير مسبوق، فبعد أن كُنّا أهل الكرم والضيافة، أصبحنا نحتسب رغيف الخبز. ضغوط خارجية وداخلية، عقوبات قاسية وشعب لم يعد يقوى على العيش. تجّار كمصاصي الدماء غير آبهين بحال مواطنين باتوا يحلمون بشراء اللحوم والفواكه. فهلاّ تنازلتم عن عرشكم وتوسمتم حالنا علَّ المراقبة عن كثب تكشف لكم المستور؟

وفي نهاية المطاف، علينا ألاّ ننسى أن الله خلقنا في أحسن تقويم، ومنحنا مرتبة مرموقة بين جميع مخلوقاته، فعندما نتحدّث عن حقوق إنسان، يكون من الواجب علينا احترامها ومعاقبة كل مخالف لها لا التّباهي بالشعارات، فما عادت تنفعنا ولا عادت تُطعم أطفالنا، فأساس الحياة السليمة قائم على احترام الإنسانية.

العدد 1102 - 03/4/2024