الصمت لن يحلّ المشكلة

ريم داوود:

(الصمت لن يحلّ المشكلة) شعار عملتُ تحت كنفه عقداً من الزمن أحاول جاهدة تحقيق معانيه ومضامينه في تقديم العون والدعم والمساندة لكل سيدة خانها زمانها. تاريخ احتفلتُ به على مدار عشر سنوات، قاطعة لذاتي وعداً بمواصلة الدرب ومضاعفة الجهد في السعي لتحقيق جزء من العدالة والسلام لمن غاب عن حياتهن العدل والسلام.

إنه الخامس والعشرون من شهر تشرين الثاني، تاريخ محفور في الذاكرة، تاريخ لطالما هيأت له وأعددت وفريق العمل ما يليق به من تحضيرات وتجهيزات. لقد حدّدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم يوماً عالمياً للقضاء على العنف ضدّ المرأة ومناهضة جميع أشكال ذلك العنف: النفسي، والجسدي أو الجنسي. إذ تعاني النساء وخاصة في المجتمعات الشرقية ظاهرة التعنيف من قبل الذكور وأقول ذكوراً لأنهم بعيدون كل البعد عن صفة الرجولة، فالرجولة شهامة ومحبة، عدل وإخلاص. تعاني السيدات والفتيات الصغيرات منهن والكبيرات شبح هذا العنف متمثلاً بالضرب والترهيب، بالكلمات النابية، والاغتصاب وصولاً إلى ظاهرة أصبحت في يومنا هذا عنواناً عريضاً ألا وهي (الدعارة) بيوت وحانات، ملاهٍ وكباريهات، شقق مفروشة على العلن (وعلى عينك يا تاجر) تُستخدم للزنى أو ما يُسمّى الدعارة، مكاتب خاصة لتشغيل الفتيات، فهل الدعارة وصمة عار للمرأة فقط؟ وما الذي يدفع الفتيات لمثل هذا العمل؟ وهل تولد الفتيات ملطخة بهذا الانحلال الأخلاقي أم أن هناك أسباباً تدفعهن لذلك؟

إننا اليوم نحصد ما خلفته الحرب على مدار عشر سنوات: أطفال بلا نسب_ أمهات بلا أزواج_ فتيات بلا معيل ولا عمل، والفقر يضرب أطنابه جوعاً، تشريداً، برداً وحرماناً يقود بتلك السيدة إلى سبيل ليست الملومة الوحيدة في مسلكه. فهل تساءلنا يوماً عن الأسباب التي دفعت بتلك الفتاة إلى شفير الهاوية، أم أننا سبّاقون دوماً في توجيه أصابع الاتهام والتجريم؟

في مسلسل حصد ملايين المشاهدات (الهيبة) يُسلّط الكاتب في أحد أجزائه الضوء على هذه المشكلة موضحاً كيف أن أصحاب النفوذ والسلطة يقومون باختطاف الفتيات وإجبارهن تحت الضرب والتهديد على العمل في الدعارة، إذ نجد الكاتب وقد أبدع في وصف شخصية الفتاة (مروة) التي كانت تقاوم كل أشكال ذلك العنف وكيف تمّ اغتصابها وإرسالها للعمل، وفي مشاهد أخرى يبيّن لنا الكاتب كيف أن الفتاة عملت على تأسيس عائلة والعيش بسلام عندما سنحت لها الفرصة، وقُدِّمَ لها الدعم المناسب. أتوقف عند هذا المشهد الذي كلّف الكاتب حلقات وحلقات بما يُثبت وجهة نظري في أن فعل الدعارة عنف ذو وجهين، عنف يمارسه المجتمع على الفتاة عندما يرغمها على ذلك، وعنف تمارسه الفتاة تجاه ذاتها عندما تقبل خوض غماره، فلنعمل جاهدين للحفاظ على فتياتنا وصون كرامتهم من خلال مناهضة كل أشكال ومظاهر هذا العنف عوضاً عن توجيه أصابع الاتهام لهن فقط.

العدد 1102 - 03/4/2024