فيروز.. ما أجملك!

بشار المنيّر:

ولدنا معاً.. نحن والنكبة وصوت فيروز، ونشأنا معاً نحن واللجوء الثاني. تجاوزتْ أحزانُنا فرح كلّ ربيع مرّ بنا، رغيف الخبز تقاسمناه كما الحزن والغضب. غضبنا.. وبكينا، لكن السيف لم يُشهَر. وحزنتْ فيروز وحزنّا، لكن طفلاً في سن العشرين جاء حاملاً رشّاشه، من البحر جاء.. من الغربة جاء. نبحث عنه اليوم بعد أن اختطفته أيدٍ ملوثة بالذهب الأحمر والأسود.. وأوهام بتحوّل المغتصب إلى صديق!!

كيف لنا أن ننسى من عانقت أمسيات الشام.. تنشّقتها، ثم صدحتْ.. فسحرتْ وأطربت؟! لكنها قالتها بالفم الملآن: أحبّ دمشق! دمشق الوادعة.. الحنونة، التي كانت تتزين لتضفي على جمالها ألقاً، كلّما أطلّت فيروز أواخر الصيف، آن الكرم يُعتصر.

كل صبيّة في الشام كانت (يارا) الجدايلها شقر. وكل شيخ كان (مختار المخاتير). وكل شاب كان مرافقاً للعائدين إلى بياراتهم مجتازين (جسر العودة) لو أُشهِر السيف.

فيروز! سيدتي فيروز! ما أجملك في عيدك! وكم كنّا محظوظين إذ رافقتِ طفولتنا.. ويفاعتنا، لتتركي بعدها شيئاً من روحك يرافق سني حياتنا، ونصبح بعدها جديرين بإنسانيتنا!

في عيد ميلاد فيروز.. كل سنة وفيروز فرحنا الآتي الذي ما ضاق بأحزاننا!

العدد 1102 - 03/4/2024