الاشتراكية والرأسمالية في عصر ما بعد الوباء

أقامت دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني دورة دراسية افتراضية لكوادر الأحزاب اليسارية والشيوعية للدول العربية بواسطة الفيديو، خلال الفترة الواقعة ما بين 9 – 12/11/2020

وقد وجهت قيادة الحزب الشيوعي الصيني دعوة رسمية لحزبنا للمشاركة بهذه الدورة، وإلقاء كلمة في جلسة الافتتاح.

شارك في هذه الدورة قادة عدد من الأحزاب الشيوعية واليسارية العربية، كما شارك فيها عدد من مسؤولين وأكاديميين وخبراء من الحزب الشيوعي الصيني، ألقوا عدة محاضرات حول تطور الصين وتقدمها في المجالات الاقتصادية والعلمية والتقنية، وحول أهمية علاقات الحزب الشيوعي الصيني مع الأحزاب الشيوعية واليسارية العربية بهدف تعميق التواصل، وتعزيز التبادل الفكري وترسيخ الثقة المتبادلة فيما بينها.

شارك حضور هذه الندوة عدد من كوادر حزبنا، وألقى الرفيق الأمين العام نجم الدين الخريط بجلسة الافتتاح كلمة باسم الحزب الشيوعي السوري الموحد جاء فيها:

  الرفاق الأعزاء في قيادة الحزب الشيوعي الصيني:

     باسمي وباسم أعضاء الحزب الشيوعي السوري الموحد أتوجه بالتحية لقيادة، وأعضاء الحزب الشيوعي الصيني ولجميع المشاركين بهذه الدورة، والشكر الخاص لدائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني لدورها الفعال في توطيد أواصر الصداقة الرفاقية بين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب الشيوعية واليسارية في العالم ومنها حزبنا الشيوعي السوري الموحد، ولدورها المتميز في إقامة هذه الندوة الدراسية الافتراضية لكوادر الأحزاب اليسارية للدول العربية.

    وأود بداية التأكيد على أن حزبنا الشيوعي السوري الموحد يولي العلاقات الرفاقية مع حزبكم وشعبكم ودولتكم اهتماماً بالغاً. فلقد وقفتم وعلى مدار سنوات طوال إلى جانب شعبنا في نضاله المستمر ضد المستعمرين والمحتلين، وتجلى هذا الموقف بشكل خاص في وقوفكم القوي والحازم إلى جانب وطننا في تصديه للحرب الظالمة التي فرضها عليه الإمبرياليون وعملاؤهم من القوى والمجموعات المسلحة المدعومة من الدول الاستعمارية ومن الأنظمة الرجعية في الدول العربية. لقد قدمتم المساعدات الاقتصادية إضافة إلى مواقفكم الدبلوماسية الداعمة لأبناء شعبنا في محنته الكبرى نتيجة هذه الحرب الظالمة، كما قدمتم المعونات الطبية اللازمة لأبناء بلدنا في تصديهم لوباء كورونا- وهذا ليس غريباً عنكم. ليس غريباً عن جمهورية الصين الشعبية التي اتبعت منذ تأسيسها سياسة السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك للدول والشعوب، في الوقت الذي مازالت تتبنى فيه الإدارة الأمريكية والدول الدائرة في فلكها سياسة الحرب الدائمة، بهدف استمرار هيمنتها كقطب وحيد على السياسة والاقتصاد الدوليين، مستخدمين لذلك كل الوسائل والأساليب، بما فيها التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للبلدان والأقاليم الأخرى.

     إن دول النظام الرأسمالي وذروته النيوليبرالية تعيش أزمةً حادة، وقد زاد من حدة هذه الأزمة انتشار جائحة كورونا.

      لقد كشفت هذه الجائحة عن المزيد من عيوب النظام الرأسمالي وعرّت خداع وزيف الأنظمة الرأسمالية وكشفت كذبها الإعلامي والدعائي عن أنظمة الرعاية الصحية والوقائية، وبينت لا إنسانيتها من حيث عدم مساواتها في معالجة المرضى بما فيهم أبناء بلدانهم. هذا من جهة ومن جهة ثانية أدى انتشار هذا الوباء إلى المزيد من تدهور العلاقات بين الدول، وخاصة الدول الأوربية، وإلى توتر أجواء العلاقات الدولية بين الدول الكبرى وإلى ازدياد مخاطر الإرهاب، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وإلى الفوضى والركود الاقتصادي والتراجعات في معدلات النمو والانتاج وزيادة البطالة والفقر في تلك الدول.

    في حين أثبتت البلدان الاشتراكية وعلى رأسها جمهورية الصين الشعبية القدرة والإمكانية العلمية والتقنية والطبية للتصدي لهذا الوباء، وقد تجسد هذا في قلة نسبة المصابين وعدد الوفيات قياساً لعدد السكان الكبير، هذا من جانب، وفي عدم دخولها في أزمة اقتصادية من جانب آخر، كما أثبتت مصداقية مبادئ العدالة والمساواة التي تنادي بها الدول الاشتراكية من خلال تقديم المساعدات والمعونات الإنسانية للشعوب الأخرى.

   وقد قدمت جمهورية الصين الشعبية المساعدات الطبية للعديد من دول العالم بما فيها الدول الأوربية وللولايات المتحدة الأمريكية نفسها.

     لقد أكدت جمهورية الصين وبوصفها دولةً كبرى، أنها تؤدي دورها المحوري المسؤول في الشؤون الدولية وتجاه الإنسانية.. وأثبتت صدق ومصداقية دعوات قيادتها وعلى رأسهم الرئيس شي جين بينغ (الأمين العام للحزب) إذ دعا جميع دول العالم لحماية السلام وتعزيزه، وإلى التعاون المشترك لجعل القرية العالمية منصةً لتحقيق التنمية المشتركة وأكد: (إن الإنسان لا يملك إلا كرةً أرضيةً واحدة، وتعيش جميع الدول في عالم واحد، وإن التنمية المشتركة أساس للتنمية المستدامة، وأنها تتوافق مع المصالح الجذرية لشعوب العالم)، ودعا (لبناء مستقبل أفضل للعالم، من خلال الانفتاح الشامل، والتنمية المشتركة، واحترام خيار الدول بنفسها لطريقة تنميتها والنظام الاجتماعي لها).

– هذا ليس غريباً فهو ابن وقائد الحزب الشيوعي الصيني؛ هذا الحزب الذي سيحتفل بالذكرى المئوية لتأسيسه بعد أيام، في بلد متطور ومتقدم. مئة عام من النضال المستمر من أجل أبناء الشعب الصيني العظيم.

– لقد قام هذا الحزب بالثورة الشعبية.

– وأنجز الثورة الديمقراطية الجديدة وحقق الاستقلال الوطني وتحرير الشعب.

– وأنجز الثورة الاشتراكية وحدد النظام الاشتراكي الأساسي، وأقام نظام الصناعات المستقل والمتكامل نسبياً ونظام الاقتصاد الوطني، وجمع تجارب هامة لإجراء البناء الاشتراكي في بلد واسع المساحة وكثير السكان.

– وقام بالإصلاح والانفتاح، وخلق الاشتراكية الصينية الخصائص وثابر عليها وطورها.

– لقد حول الصين القديمة والفقيرة والمتخلفة إلى الصين الجديدة المتجهة إلى الازدهار والتطور والقوة، إلى بلد يقدم يد العون والمساعدة للآخرين.

  إن التجربة الصينية اليوم بقيادة الرفيق شين جين بينغ تشكل تطوراً هاماً في النظرية الماركسية، وفهماً عميقاً وعملياً لمبادئها ومرتكزاتها. وتتركز هذه الأهمية بأنها ليست رؤية نظرية أو اجتهاداً فكرياً فقط، بل هي حقيقة أثبتت وجودها وصحتها على أرض الواقع.

     وهذه التجربة الصينية الهامة يمكن أن تلهم الدول الأخرى وخاصة النامية للاستفادة منها وفق خصائصها وظروفها، من خلال علاقات الصداقة بين جمهورية الصين الشعبية والدول الأخرى، وبين الحزب الشيوعي الصيني والأحزاب الشيوعية واليسارية الأخرى، ومنها أحزابنا الشيوعية في الدول العربية، للاستفادة من تجربة الصين الغنية في طرق التنمية الاقتصادية، ومن خلال التعاون بين الشركات الصينية والشركات في الدول الأخرى، ومن خلال تبادل الوفود والزيارات.

       إننا في سورية كإحدى البلدان النامية نتطلع إلى الاستفادة من التجربة الصينية خاصةً في هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها بلدنا حالياً بسبب الحرب الظالمة والحصار والعقوبات وما نجم عنها من مشاكل وصعوبات اقتصادية واجتماعية.

مجدداً باسم الحزب الشيوعي السوري الموحد، نتقدم بخالص الشكر والتقدير للرفاق في الحزب الشيوعي الصيني على دعوتهم للمشاركة في هذه الندوة الهامة.

نجم الدين الخريط

الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد

العدد 1104 - 24/4/2024