السر المفضوح

الدكتور سنان علي ديب:

لم يُفاجأ أيُّ متابع للملف السوري من حجم الضغوطات التي مورست والمقاطعات والتضليل الإعلامي لعرقلة نجاح مؤتمر عودة المهجرين، الذي أقيم في دمشق خلال يومي الأربعاء والخميس ١١ و١٢ الشهر الحالي، ذلك لأن عرقلة الحلول السيادية الداخلية للملف هي هدف وغاية ستقلب الطاولة وتمنع الأجندات من التطبيق، لهذا كان وما زال الرهان على فرض الحلول بتعاون كل أفراد النسيج السوري، لأن هذا الحل هو الأسلم والأقوم والأكثر عائدية لسورية وشعبها. لسنا بوارد التعمق ضمن مدخلات المؤتمر ومخرجاته، ولكن غايتنا تسليط الضوء على حجم الحصار والعقوبات الاقتصادية، وحجم الإرهاب الاقتصادي المتزامن مع أيّ انتصار عسكري وسياسي، فكلنا يذكر المضاربات على الدولار إبان تحرير  تدمر ثم الغوطة وبعدها حلب، وكلنا يعلم بأن هذا التحرير يعيد الثقة والأمان ويدخل قطاعات إنتاجية في العملية الاقتصادية ويعطي نتائج إيجابية_ وهو ما لم يحصل _فمضاربات وهمية من خارج الحدود، وتجفيف مقصود وسحب للدولار من داخل الحدود، وتنشيط فيسبوكي لزعزعة الثقة بالليرة، والهجوم لاقتناء الدولار يؤدي لضعف الليرة،  للأسف هو ما حصل وسط ضبابية الرد بالسياسات النقدية والمالية، متزامناً مع هجمات إرهابية قُبيل أيّ لقاء في أستانا أو سوتشي أو جنيف، والغاية الضغوطات النفسية لعرقلة أّي حلول تأخذ من ميزان القوى والأمر الواقع منطلقاً ويستمر مسلسل الإرهاب الاقتصادي بالحصار الظالم، والعقوبات اللاإنسانية واللاشرعية، بوصفها أدوات إرهابية لفرض رؤى لا يقبلها الشعب، ولا تخدم القضية، وتستمر محاربة الليرة عبر المضاربات من جانب الحدود، وسرقة الدولار، ويتصدى بعضهم بقوة آنياً، ولكن يأتي رفع السعر بسياسة نقدية في ظل إغلاق الحدود المحلية والعالمية خلال التصدي لكورونا، وتتوالى متوالية رفع الأسعار بما فيها الطاقة من دون ضوابط للأسعار، ومن دون تدخلات تخفف من سرطان مستمر المعاناة يرتفع سعر الصرف، ولو كان وهمياً، فترتفع الأسعار من دون قيود، وفي حال تراجع سعر الصرف تبقى الأسعار محلقة، وتبقى معاناة المواطنين في صعوبة تأمين معيشتهم، فتتقلص سويات تأمين الحاجات في حدود غذاء دائم التقشف، خالٍ من البروتين الحيواني بأنواعه، وأجور نقل متضخمة بلا ضوابط، ويكون الكساد التضخمي عنواناً لأغلب المهن والحرف الأخرى، وقد ترافق المؤتمر بمسلسل رفع الأسعار، ومنها سعر الصرف الوهمي ويلحقه أغلب المواد والسلع (خضار، وفواكه، وألبان وأجبان…) وسط محاربة للمؤتمر من كلّ قوى التآمر و ملحقاتهم وأدواتهم، ويستمر السر المفضوح، الإرهاب الاقتصادي وأدواته القذرة الخارجية، وأذنابها ستعرقل أي حل سوري بنّاء وستستعمل كل أنواع الإرهاب لعدم الاقتراب منه.

هذا المؤتمر بدايةً يجب إنجاح مخرجاته بشتى الأساليب لأن نجاحه بداية للمواجهة الاقتصادية ضد حرب التجويع والقتل اللاإنساني، كذلك بداية لحلّ سياسي سيادي يقوي ويصلّب السوريين وموقفهم. وأغلب الرفض والمواجهة للمؤتمر

لهذه الأسباب، فالابتعاد الأوربي سيجعله الخاسر الأكبر لاحقاً، وابتعاد الأمم المتحدة عن الدور المنوط بها الذي افتقدته بالقضية السورية، دليل قاطع على رفضهم السير بحلول سورية شافية، وهو ما يجعلنا بحاجة إلى مزيد من الجهود لتوحيد الطاقات ضمن خندق الوطن، ولمزيد من الإصرار على السير نحو حل سوري سوري لكل الملفات، وبالعمل على مواجهة السر المفضوح للإرهاب الاقتصادي الذي يمارس علينا وسيزداد.

العدد 1102 - 03/4/2024