ما من أزمة!
د. أحمد ديركي:
يمكن القول إن الأزمات، بصيغة الجمع، يمكن حدوثها في أي لحظة من لحظات حياة البشرية وما تنتجه. فهناك أزمات صحية، وأزمات سياسية وأزمات اقتصادية وأزمات اجتماعية وأزمات بيئية و… كلها أزمات، ولم تكن يوماً الأزمة، بصيغة المفرد، وحيدة الجانب لما تحمله من انعكاسات سلبية، أو إيجابية، على بقية الجوانب.
ويشيع استخدام مفردة (أزمة) لتصف كل ما هو غير (طبيعي) يمكن أن تمر به البشرية!
ويمكن القول بعامة الأزمة تعني حدوث أمر ما يعرقل مسار أمر طبيعي. فعلى سبيل المثال لا الحصر، ينبض القلب بشكل طبيعي، وعند حدوث أي خلل في عملية النبض يقال إن الفرد مصاب بأزمة قلبية. خلل قد يؤدي إلى موت الشخص المصاب بالأزمة. كان هذا ممكناً قبل تقدم الطب، ومع تقدمه تقلصت نسبة المصابين بأزمات قلبية بنسبة كبيرة.
أي أن (الأزمة) بكونها مكون طبيعي تدفع العقل البشري، والمجتمع برمته، إلى العمل على إيجاد حلول علمية لها، وإلا ما كتب للبشرية البقاء.
لا يعني هذا أن الأزمات قد انتفى وجودها، بل هي موجودة ومتجددة بتجدد المجتمعات البشرية، والعمل على إيجاد حلول لها قائم على قدم وساق.
بالعودة إلى الأزمة القلبية، مع تقدم الطب قام بدراسة هذه الأزمة المسببات والحلول العلمية لتخفيض عدد الوفيات، وما زالت البحوث في هذا المجال قائمة تتطور بتطور العلوم.
تكمن الأزمة بمعناها المؤلم في عدم العمل بشكل علمي على حل الأزمة! فتصبح الأزمة أزمة دائماً ويشكل وجودها حالة طبيعية ليست بحاجة إلى أي معالجة لأنها مسألة طبيعية!
بمعنى آخر الموت من طبيعة الكائنات الحية، والإنسان كائن حي فلماذا العمل على علاج الأزمات القلبية!
ويبدو وكأن هذا ما يحدث راهناً في (علاج) الأزمات القائمة. ومنها مثلاً مسألة أزمة البنزين! بين الحين والآخر هناك أزمة بنزين وطوابير من السيارات على محطات البنزين ونسمع التصريحات، منذ الأزمة الأولى بأن العمل على حل الأزمة جار على قدم وساق! وتتكر الأزمة! وتتكرر الأزمة!
تكرار الأزمة بشكل بسيط يعني عدم علاجها بشكل علمي بل العلاج بشكل ارتجالي لا عقلاني! فهل لنا أن نعلم ما السبب خلف لا عقلانية الحلول المطروحة؟ هل الهدف من تكرار أزمة البنزين هو (تحرير) سعر المحروقات؟ هل الهدف من تكرار أزمة الخبز، (تحرير) سعره ودعم الأفران الخاصة بطريقة غير مباشرة؟ هل الهدف من تكرار أزمة السلع الغذائية تحرير أسعارها؟
لقد سئم المواطن المطحونون بمستويات الفقر المدقع من تكرار الأزمات، فأزمة الأزمات أنه لا وضوح ما هو مطلوب وما الهدف الخفي وراء الأزمات، وقول المسؤولين ما من أزمة رغيف؟! ما من أزمة بنزين؟! ما من أزمة سكر؟! ما من أزمة فقر؟!