بين الأمس.. واليوم
هذا ما كتبته (النور) عام 2012، حول الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
فما الذي تغيّر؟؟!
1-استمر العجز الحكومي عن معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين السوريين.
2-ازدادت حلقات الفساد اتساعاً حيث أصبحت تتحكم بمفاصل رئيسية في جميع أجهزة الدولة.
3-كشّر تجار الأزمات والحروب عن أنيابهم أكثر فأكثر، وأصبح إخضاع المواطن السوري عن طريق تجويعه هو هدفهم الأساسي، تنفيذاً لمخطط شركائهم في الخارج.
4-تجاوزت نسبة الفقر بين المواطنين السوريين 80%، وأصبح الحصول على اللقمة صعب المنال.
5-ازدادت الضغوط السياسية والعسكرية والاقتصادية على سورية، لكن مواجهة هذه الضغوط بقيت في إطار المعالجات القاصرة.
أثرياء الأزمات أنهكوا الوطن والمواطن
العدد 523 (7/3/2012)
لم تعد ممارسات مستغلّي الأزمات وأثرياء الحروب
مجرد اصطياد لظروف قاسية تتعرض لها سورية، بل أصبحت نهجاً منظماً يصبُّ في خانة من
يسعى إلى أخذها من الداخل من باب الاقتصاد والاستياء الشعبي العام، بعد أن عجزت عن
ذلك سيناريوهات التدخل العسكري المباشر. بعض هؤلاء
راحوا يتاجرون بالقطع الأجنبي، فتحولت البيوت والمكاتب إلى بورصات لبيع أو شراء
الدولار واليورو، مستغلين اضطراب السياسات النقدية وتمسكها بالحلول التي فاقمت
الأوضاع سوءاً، وبعضهم احتكروا السلع والمواد الضرورية لحياة المواطن، وفرضوا بعد
ذلك أسعارهم الخيالية التي أرهقت الفئات الشعبية الباحثة عن لقمة أطفالها، فارتفعت
أسعار بعض المواد بنسب تتراوح بين 60و 100% و200% لمواد
أخرى مستوردة، وهي نسب تفوق بأضعاف نسب ارتفاع أسعار القطع الأجنبي وتكاليف
الاستيراد في ظل الأزمة الراهنة، ولجأ آخرون إلى
تهريب السلع التي تدعمها الحكومة إلى البلدان المجاورة، مستغِلين الفارق الشاسع
بين أسعار هذه المواد في أسواقنا وأسواق هذه الدول، مما أدى إلى خسارة المواطن
لهذه المواد، وخسارة الحكومة لمليارات الدعم، وما كان لهؤلاء المستغلين أن
يتلاعبوا بالأسواق السورية لولا جملة من الأسباب التي وفرتها السياسات الاقتصادية
النيوليبرالية التي انتهجتها الحكومات السابقة، التي أوقفت تدخل الحكومة في الحياة
الاقتصادية، واستعاضت عنه بقوانين السوق، وأخرجت القطاعات الاقتصادية الحكومية من
المنافسة، بعد أن تغاضت عن تجديدها وتطويرها.
المواطن
السوري يستنجد بالحكومة لضبط الأسواق، لا عن طريق المراقبين الحكوميين، فهؤلاء
أقرّوا بعجزهم عن ذلك علناً، بل عن طريق تكليف مؤسسات التجارة الخارجية والداخلية
باستيراد المواد الأساسية للمواطن وتسويقها، وسن القوانين الرادعة بحق المحتكرين
والمتلاعبين بقوت الشعب، ووقف المتاجرة بأسعار القطع الأجنبي، والتوصل إلى
اتفاقيات مع المنتجين الوطنيين لتسعير المواد، وتحفيز الصناعة الوطنية، بشقيها
العام والخاص، على إنتاج بدائل للسلع المستوردة، وضبط عمليات تهريب السلع
المدعومة، وخاصة المشتقات النفطية والسكر والخبز، ونحن نرى أهمية تشكيل إدارة
اقتصادية خبيرة للتعامل مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة، تعالج الأزمات وتضع الحلول
الممكنة، وتوازن بين أسعار السلع المكونة لسلة المواطن من السلع والخدمات، وأجور
الطبقة العاملة والفئات الشعبية الأخرى. لقد خضع المواطن في
العقد الماضي لقوانين السوق الحر غير العادلة، وها هو ذا يخضع اليوم لتجار الحروب
وأثرياء الأزمات الذين يتحكمون بالأسواق، في ظل ظروف صعبة واستثنائية تتعرض لها
بلادنا ولا يجوز، حسب اعتقادنا، التقصير في دعم هذا المواطن، وذلك لا لدواع
اقتصادية واجتماعية فقط، بل لدواع سياسية أيضاً، فمن يعوّل على أخذنا من الداخل لا
يقف الآن مكتوف الأيدي.
الحكومة لم تنجح حتى الآن في معالجة أزمات المواطنين،
فلمن سيلجؤون؟