أيّ مستقبل أمام شبابنا؟ّ.. هل أضحى (الهروب) هو الحل؟

ديانا رسوق:

على حافة الهاوية: ليس اسماً لرواية أو لمسلسل تلفزيوني، بل هو الواقع الحالي بأزماته المسببة لكوارث غير متوقعة النتائج،

 مجهولة المستقبل، بات الحلم أن يصبح هذا الواقع عقيماً غير قادر على إنجاب المزيد من الأزمات، ذلك أن الوضع أدى إلى

إزهاق الأرواح وتكبيلها وخنقها، ولم يعد بالوسع احتمال ضغوط وأعباء فوق القدرة، وكأن العجز قد غزا قدراتنا وسيطر عليها

رافضاً إطلاق سراح الأمل. وهنا يكمن السؤال: تُرى أيّ مستقبل أمام شبابنا؟ الآن فئة الشباب في مجتمعنا تكون لديهم من العقد ما يكفي للهروب من الواقع، ومن أي فكرة لتكوين عائلة. كم محزن هو شعور الحاجة إلى الشعور أن لا قلق بعد اليوم لا خوف لا حساب لكل ليرة كيف يجب صرفها! أصبح توفر عمل بأجر مناسب في أي مكان في هذا العالم فرصة ذهبية، أي زورق قد يعطي فرصة للنجاة من هذا الغرق؟

الطالب الجامعي بعد إعادة الدوام مع اتخاذ الاجراءات الاحترازية لمواجهة كورونا، عاد للدوام بشكل طبيعي، ولكن مع اختلاف كبير في تأمين المواد اللازمة لإتمام الدراسة من دفاتر ومحاضرات وملخصات، فقد قفزت أسعارها إلى الضعف بشكل يضطر الطالب لمعرفة السعر قبل أخذ القرار بشراء ما يلزمه، حتى إن المكتبات الجامعية قد أصبحت تخبر الطالب بالتكلفة لشراء المقررات لتعطيه فرصة القرار، إذا كانت لديه إمكانيات الشراء أم لا، وهذا الطالب يقف موقفاً لا يُحسد عليه غير قادر على اتخاذ قرار، فإما أن يختار جامعته ويحصل دراسته الجامعية، أو عليه البحث عن فرصة عمل ليكون قادراً على تأمين مستلزماته الدراسية، فأين يذهب؟ وماذا يفعل؟ هل من خلال اتكاله على عائلته وهي غير قادرة على تأمين متطلبات الحياة المعيشية في وضع مفروض على العالم بأكمله؟ أين القرار السليم؟ كيف سيستمر النظام التعليمي الجامعي بوجود الطلاب في الجامعة لكي يحصلوا على شهادتهم أم بتغيبهم لمحاولة تأمين المعيشة ومحاولة توفير متطلبات الدراسة؟ كيف لهذا الطالب السحري أن يقوم بموازنة لحياته وتحمّل هذه الأعباء والضغوط الدراسية الحياتية المادية والمعيشية؟ وأين فرصة العمل المنشودة التي قد تقدر وضع هذا الطالب؟ لا يوجد حلول أمامه ولا يستطيع اتخاذ القرار المناسب. أما بالنسبة للطلاب الذين قد نالوا فرصة العودة للجامعة بعد صدور المرسوم للمستنفدين وتحويلهم لنظام التعليم الموازي، فلم يكن وضعهم أفضل، فوصفوا فرحتهم بالعودة للجامعة بعبارة: يا فرحة ما تمّت! ربما قد سيطر على عقولهم الخوف والقلق من المستقبل، من الأحلام التي قد خططوا لها ولاحظوا أنها لن تكون سوى أحلام وتحولت لخطط القدرة على العيش ومحاولة تحقيق الاكتفاء وتخفيف الضغط النفسي. شباب استفاق على ازمات واعتاد على الانتقال من أزمة لأخرى، وفقد الأمل بأن يكون لديه حياة طبيعية، يجب المساهمة باتخاذ قرارات تساعد على إيجاد ميناء سلام واستثمار الأزمة، فهي بحدّين من محاولة إعطاء فرص للمحتاج لسبل المعيشة، كل شخص سيعطي نتائج مبهرة، استثمار القدرات المتوافرة سيعطي نتائج، ولكن في حال استمر التهميش سنصحو أمام خسارات للقدرات والعقول والإبداع الكامن، ففي الأزمات يظهر الإبداع. يجب أخذ هذا الموضوع بالاعتبار، فالواقع واضح والوباء كان على العالم أجمع، ولكن الوضع المأساوي الذي وصلنا إليه لن يحول دون دمار كبير، لذلك لا بد من اتخاذ الاجراءات اللازمة من قبل الجهات المعنية من تأمين فرص عمل ملائمة توظف الخبرات والمهارات بالمكان المناسب، ورفع عتبة الواقع الاقتصادي بالتكاتف وتوفير قروض قد تعطي فرصاً لأفكار ومشاريع نيرة، مكافحة تجار الأزمات وتذكيرهم بأن المواطن ليس مالك بئر من المال يضخ لهم كما يريدون، وأنه شخص طبيعي يعمل ليأكل ليعيش، لم يعد باستطاعته استيعاب هذا الواقع. لابد من وضع خطة حكومية للنهوض بوضع الشباب وتوفير سكن شبابي وبشكل عاجل وبتسهيلات كبيرة، والعمل على المساعدة بتقديم قروض للخريجين وللمهنيين الشباب ورفع أجور الخريجين من كل الاختصاصات كي لا نندم كثيراً في المستقبل القريب.

العدد 1102 - 03/4/2024