شو عم يصير | هل هكذا يكافأ الصمود؟!

مادلين جليس:

ماذا بعد؟!

سؤال يدور على ألسنة كثير من السوريين، ومن لم ينطقها لسانه، فقد قالها في قلبه: ماذا بعد؟! وماذا ينتظرنا أكثر من ذلك؟!

لم يعد متوفّراً ما كان فائضاً، فالخضراوات السورية، التي كنّا في السابق نتغنّى بإنتاجها، باتت تحاربنا بأسعارها كما لو أنّها قادمة من خلف المحيط، والصناعة المحلية التي رفعنا لها الشعارات، وكرّمنا فيها بطل الإنتاج، أصبحت اليوم بطلة العالم في تفريغ جيوبنا، ثمّ ماذا؟

لا أظنّ أنّ أحداً منكم لم يقرأ في الأيام القليلة الماضية أخباراً عن أشخاص قاموا ببيع كلاهم، مقابل مبالغ مالية عالية، لأن الواحد منهم لم يعد يملك ثمن الطعام والشراب، ولأنّ أطفاله قاربوا على الموت جوعاً، بعد انتهاء آخر فرصة له في تأمين ما يأكلونه.

ولا أظنّ أنّ أحداً منكم لم يقرأ عن الحالات الإنسانية التي تطلب العون والمساعدة من فاعلي الخير، بسبب استنفاد كل فرصهم في تأمين مستلزماتهم.

ولا أظنّ أنّ أكثركم لم يلجأ إلى البحث عن عمل ثالثٍ ورابعٍ يستطيع من خلاله تغطيه القلّة القليلة من النّفقات المتزايدة على منزله، ولن يستطيع.

لن نبتعد كثيراً.. لا أظن أنّ أحداً منكم فكّر في الأسابيع القليلة ولن أقول خلال الشهرين الفائتين، بأن يشتري اللّحم، أو أنّه لم يحاول تخبئة صورته عن أطفاله الذين قاربوا على نسيان اسمه وطعمه.. ورائحته أيضاً.

البطاطا التي كنّا نقول عنها إنّها لحم الفقراء، والتي كنّا لا نرتضيها في أيام الرّخاء، باتت اليوم حلم الجميع، والفول الذي كان مثالاً للتندّر والتفكّه في موسمه بسبب إقبال ربّات المنازل عليه، وطبخه مرّات عدّة في الأسبوع، أصبح اليوم يضحك علينا، ويبتسم عندما نقترب منه، خاصّة أن الكيلو غرام الواحد منه تجاوز الـ ٦٠٠ ليرة.

حينما اقترحت ماري أنطوانيت على الشعب أن يأكل البسكويت بدل الخبز، كانت تستعيض عنه بما يؤكل فعلاً، لكن بماذا تطلب منّا الحكومة أن نستعيض عن طعامنا اليوم؟ بالهواء؟ أم بالخيبات من فشلها؟ أم بالتّصفيق لقراراتها؟!

لا أظنّ أنّ الشعب السوري الذي صمد، وصبر، وضحّى بالغالي والرّخيص، الشّعب الذي دفع دم أبنائه ثمناً للنصر، يستحق ما وصل إليه.

هل هكذا يكافأ الصمود؟!

العدد 1104 - 24/4/2024