لا أستطيع التنفس!

ريم الحسين:

صرخة يطلقها المواطن السوري وهو يشاهد بأم عينيه انهيار عملته الوطنية بشكل مرعب وكارثي، وهي تعد أحد رموز الدولة والوطن مجتمعين! وقد أدى إلى فقر شديد يعانيه حتى أصبحت أبسط حقوق العيش من الحاجات الاستهلاكية حلماً صعباً ومرهقاً ومريراً!

ماذا يحدث؟

حتى الخبراء في الاقتصاد والسياسة لم ولن يستطيعوا الإجابة عن هذا السؤال، إذا كانت الحكومة ومجلس الشعب أيضاً دون قدرة على ذلك!

صمت مطبق من جميع المعنيين يثير الخوف والرعب في نفوس المواطنين، كيف لعملة بلد أن تنخفض يومياً بأرقام ليست بالقليلة ويترافق ذلك مع غلاء فاحش بشكل يومي حتى أصبح الاقتصاد السوري (اقتصاد مياومة) اليوم الذي لا تشتري فيه حاجاتك ستشتريها مضاعفة في اليوم التالي!

أسواق شبه مغلقة وإغلاق جزئي لأغلب المحلات بسبب الارتفاع الكبير في أسعار السلع وعدم القدرة على مجاراة أسعار السوق، وترافق ذلك مع مشكلة الأدوية في السوق السورية وتوقف المعامل عن الإنتاج، ويضاف طابور جديد ضمن طوابير الوطن على الصيدليات! وشكوى ومعاناة بادية على وجوه السوريين وفي أحاديثهم يطلقون اليوم معركة (الجيوب الخاوية)!

ماذا يحدث؟ يحدث في هذا الوطن كل شيء إلا ما يجب أن يحدث! فلا إنتاج قائم على الصناعة والزراعة ولا خطط ولا إدارة والفساد يمشي عارياً، وكأن البلد يتعرض لشلل لم يحدث طيلة عشر سنوات حرب طاحنة عوّضته هذه السنة أضعافاً مضاعفة!

الشعب يطالب بالشفافية والوضوح والحقيقة، فمن يستطيع أن يقدم له شرحاً بعيداً عن شماعة العقوبات والحصار التي أصبحت حجة مستهلكة غير مقنعة؟ ومن يضمن عدم استغلال أعداء الوطن، وهذا يحدث طبعاً، لهذا الوضع الكارثي، الذين تسببوا بأنهار الدماء والخراب ليحصلوا على ما لم يستطيعوا في الحرب التكفيرية وذلك بالحرب على لقمة العيش! (فالجماهير من الناحية الفكرية والعقلية أشبه بالطفل الصغير ساذج ويصدق بسرعة وعواطفه متحكمة فيه بالكامل متطرفة سواء بالخير أو بالشر، بالإمكان تحريضه وتحريكه بالاعتماد عليها فقط). يأتي وصف غوستاف لوبون هذا في (سيكولوجية الجماهير) ليوضح لنا أننا يجب ألا نترك الساحة للعدو ليمارس حربه الإعلامية التي مارسها لسنوات، التي بدت واضحة على مواقع التواصل الاجتماعي للإشاعات والتحريض نتيجة صمت مريب وغريب من المسؤولين في هذا البلد!

الليرة السورية لا تستطيع التنفس!

الاقتصاد السوري لا يستطيع التنفس!

الشعب السوري لا يستطيع التنفس!

إلى أين؟ هل أصبح الأمر متروكاً للسماء، أم سنشهد في الأيام القادمة حركة جدية لتفادي الأسوأ، واستنفاراً حقيقياً على جميع المستويات لردم هذه الفجوة الهائلة، أو على الأقل التقليص من تداعياتها الكارثية على المواطن والوطن؟

أنقِذوا الأنفاس الأخيرة لمن ضحى وقدم وتحمل كل تداعيات الحرب، فهو يختنق كمداً وقهراً وغرفة الإنعاش غير قادرة على جعله يصمد أكثر من ذلك فهل نعتبر!؟

المجد للشهداء، حماة الديار عليكم سلام.

العدد 1104 - 24/4/2024