الحكومة والدواء

ريم سويقات:

يبدو أن الأزمة الدوائية التي حدثت في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي في سورية عادت لتقف الآن بوجه أكثر إعتاماً من ذي قبل أمام الوزارة التي ضلّت طريقها لتشعل فتيل المصباح، بينما بقي المواطن يتخبط في عتمتها.

ويبدو أنه صار لزاماً على العائلات السورية أن تفاضل بين أولوية الإنفاق على تأمين الطعام لأفرادها، أو الإنفاق على شراء الدواء بعد أن ارتفعت أسعار بعض أصناف الدواء في سورية بنسبة 500 %، وذلك وفقاً لما تضمنته قائمة الأسعار الجديدة من ارتفاعات ما بين 60 % و500% (على سبيل المثال، وصل سعر مبيع علبة باندول إلى 425 ليرة بدلاً من 250 ليرة).

أما الفتيل الثاني الذي أضاع شرارته فكان التسعير المزاجي لبعض الشركات، فبعضها رفع بعض أسعار الأدوية، بينما بقيت مماثلات لها على أسعارها القديمة، وهذا يشير إلى  عدم وجود سعر موحد للمادة الدوائية بين كل المعامل، وهنا أكد رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية زهير فضلون  إن تسوية الأسعار تمت فقط لمن أبرز فواتير تتضمن شراء مواد أولية جديدة، أي فقط الأدوية التي ارتفع سعرها على سعر صرف الدولار 705 ليرة للدولار من آذار الماضي بدلاً من 437 ليرة، وذكر أن نسبة الأدوية التي تمت تسوية سعرها هي 1,5 % من مجمل الأدوية في سورية.

وفي ظلٍّ قد يمتد لأشهر ويزيد المواطن غشاوة، كان لفيروس كورونا والحصار الجائر للعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد الدور الحاسم في صعوبة تأمين المادة الأولية اللازمة لصناعة الدواء، بعد أن توقف المصرف المركزي عن تمويل مصانع الأدوية بالعملات الأجنبية منذ ثلاثة أشهر، وهذا ما قد يؤدي إلى فتح الباب أمام السوق السوداء!

إن الحل الوحيد للخروج من تلك الظلمة يكمن في تمويل الوزارة للمواد الأولية اللازمة للصناعات الدوائية من قبل المصرف المركزي وبيعها لمعامل الأدوية، وبذلك تُباع للمواطن بسعر يقترب من تكلفة إنتاج الدواء.

العدد 1102 - 03/4/2024