ألمانيا تخضع للضغوط الأمريكية والإسرائيلية!
د.صياح عزام:
اتخذت الحكومة الألمانية بتاريخ 29/4/2020 قراراً باعتبار حزب الله اللبناني منظمة إرهابية، وحظر نشاطه على أراضيها.
وللإضاءة على الخلفية التاريخية لهذا القرار، نسوق فيما يلي بعض القضايا التي أدت إلى اتخاذه منها:
1- إن ألمانيا مازالت دولة محتلة حتى الآن من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، على الرغم من إقامة حكم وحكومة ألمانية ودمجها في منظومة حلف الأطلسي.
2- إن هذا القرار يجسد سياسة التبعية الكاملة للولايات المتحدة والدوائر الصهيونية، خاصة أن الحزب الديمقراطية المسيحي بزعامة ميركل هو الذي كان يحكم ألمانيا سنة 1962 والذي وقّع اتفاقية دفع التعويضات لإسرائيل (اتفاقية لكسمبورغ) التي التزمت ألمانيا بموجبها بدفع 3٫5 مليارات مارك ألماني، وشكلت قاعدة دائمة لابتزاز ألمانيا، بحيث وصل ما دفعته حكومتها لتل أبيب سنة 1970 إلى 25 مليار يورو، وارتفع عام 2018 إلى 74 مليار يورو.
وهذه المليارات الألمانية هي التي موّلت شراء مفاعل ديمونة النووي من فرنسا وتدريب كوادره، ثم مولت أيضاً صفقات السلاح البريطانية والفرنسية والألمانية لتحديث الجيش الصهيوني (دبابات بريطانية من طراز سينتوريون، وطائرات ميستمر الفرنسية)، إلى جانب قيام ألمانيا بتحديث أسطول النقل العسكري الإسرائيلي، الأمر الذي يشير إلى مشاركة ألمانيا في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وفي عدوان عام 1967 لاحقاً.
3- كذلك يدخل في عملية تقييم القرار الألماني باعتبار حزب الله منظمة إرهابية، أن حكومة ألمانيا برئاسة المستشار لودفينغ إيرهارد، وهي الحكومة الديمقراطية المسيحية (كما هي الحكومة الحالية) هي التي اعترفت بإسرائيل وأقامت معها علاقات دبلوماسية كاملة عام 1965 رغم معارضة وزارة الخارجية الألمانية آنذاك لذلك القرار، وهذا يعني أن الحكومة الألمانية بقرارها ضد حزب الله، قد نفذت قراراً أمريكياً صهيونياً بمعاقبة حزب الله، بسبب قتاله لإسرائيل في جنوب لبنان وهزيمة جيش الاحتلال الصهيوني عام 2000 ثم عام 2006، وبسبب مشاركته الفعالة في قتال داعش وهزيمتها في سورية والعراق ولبنان خاصة، وبالتالي فإن ألمانيا شريكة في المناورة بالإرهابيين لتحقيق أغراض سياسية محددة.
4- إن هذه السياسة التي تتبعها ميركل والتي تعكس التبعية العبودية للولايات المتحدة والدوائر الصهيونية العالمية، ستؤدي إلى خلق المزيد من التطرف في المجتمع الألماني كما هو حاصل حالياً، إذ يسيطر الحزب اليميني المتطرف (وهو حزب نازي بامتياز)، يسيطر على 89 مقعداً في البرلمان الألماني الحالي.
وإضافة إلى هذا الحزب هناك شبكة نازية أخرى تدعى (ميلبيتس) تنشط في مناطق بأواسط ألمانيا، ولها معسكرات للتدريب على السلاح، ونفذت مجموعة من العمليات ضد المهاجرين وطالبي اللجوء السياسي، مثل هذه الشبكات والأحزاب النازية هي التي يجب على ميركل التصدي لها بدلاً من حظر نشاطات حزب الله.
وبناء على ذلك، فإن الحكومة الألمانية الحالية والتي سبقتها من حكومات هي التي توفر البيئة المناسبة لانتشار الإرهاب في ألمانيا نفسها وبقية بقاع العالم، وليس حزب الله الذي يحارب الإرهاب بمسمياته وتنظيماته المختلفة (داعش والنصرة) وما لفّ لفّهما من ميليشيات إرهابية مسلحة.
5- أيضاً يترتب على ميركل وغيرها من الرؤساء الأوربيين الإقلاع عن سياسة التبعية المطلقة للولايات المتحدة، التي امتنعت أو عجزت عن تقديم الدعم الطبي والصحي للدول الأوربية التي اجتاحها وباء كورونا، خاصة أن ألمانيا تشكل الاقتصاد الرائد في القارة الأوربية، وعليها أن تعود إلى سياسات ألمانية سابقة مثل سياسة المستشار السابق فيلي براندت، القائمة على سياسة تحالفات على قاعدة (فن الممكن في التعامل مع الخصم، أي الاتحاد السوفييتي السابق وألمانيا الديمقراطية، لما فيه مصلحة الشعب الألماني).
6- إن قرار ميركل باتهام حزب الله بالإرهاب وحظر نشاطه داخل ألمانيا، هو اتهام لنحو نصف الشعب اللبناني بالإرهاب، ولا يخدم المصالح الألمانية من قريب أو بعيد.
أخيراً وهو الأمر الأكثر أهمية في سياق اتخاذ هذا القرار الألماني والجائر، لابد من القول إنه قرار اتخذ بسبب الضغوط الأمريكية والصهيونية التي لم تستطع ميركل إلا الامتثال لها، إلا أن مثل هذا القرار لن يؤثر على شعبية حزب الله التي تتنامى عاماً بعد عاماً، لأنه يقف ضد إسرائيل وأمريكا وحلفائهما.