قيصر على الأبواب.. ماذا فعلنا؟!

كتب رئيس التحرير:

في الأول من حزيران القادم، سيسري مفعول (قانون قيصر) سيّئ الصيت، الذي سنّه الكونغرس الأمريكي بهدف عرقلة جهود الدولة السورية في إنهاء وجود الإرهابيين على الأرض السورية، وصد العدوان التركي الغاشم، ومواجهة الاحتلال الأمريكي، ووضع نقطة النهاية للأزمة السورية وغزو الإرهابيين، والانطلاق إلى إعادة البناء.

الحصار والعقوبات الجائرة ليست بالأمر الطارئ على بلادنا وشعبنا، لكن الجديد في هذا القانون أنه جاء بعد تقدم جيشنا الوطني في مواجهته للإرهابيين، واستعادته لمعظم الأرض السورية، في محاولة لمنع إنهاء الأزمة السورية إلاّ وفق الشروط الأمريكية التي تنتهك السيادة، وتفتت تلاحم أطياف الشعب السوري، وتلحق بلادنا بالملتحقين السابقين والحاليين بالمخطط الصهيوني للمنطقة. (قانون قيصر) وسّع العقوبات.. ونوّعها، لإحكام تطويق سورية و(خنقها)، ومنعها من استغلال مواردها لإعادة إعمار ما خربه الغزو الإرهابي، وإنهاض الاقتصاد الوطني، وتعويض السوريين عن سنوات الجمر التي ذاقوا فيها الأمرّين للحصول على لقمة العيش، وتسري أحكامه لمدة خمس سنوات بدءاً من شهر حزيران 2020.

لقد فُرض الحصار الجائر على بلادنا منذ بداية الأزمة والغزو الإرهابي، وكان يمكن التخفيف من تأثيراته السلبية على الاقتصاد الوطني والأوضاع المعيشية للمواطنين السوريين بالاستناد إلى سياسات حكومية تلبي الأولويات في الشأن الاقتصادي، وتوزع المواد الضرورية لمعيشة المواطن عن طريق مؤسساتها وفق مبدأ العدالة والحاجة، لكن حكوماتنا المتعاقبة منذ بداية الأزمة، تعاملت معها وكأنها ستنتهي غداً!

مشروع قانون قيصر عُرض على الكونغرس أكثر من مرة، وعند عرضه في المرة الأخيرة خريف 2019، كتبنا في صحيفة (النور) محذّرين من انعكاساته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على بلادنا، وطالبنا الحكومة حينذاك بضرورة الاستعداد لمواجهة تأثيراته، وتخفيف انعكاس تداعياته على الاقتصاد السوري، والحالة المعيشية للمواطنين، واقترحنا بعض التدابير الضرورية.

جاء في تقرير المكتب السياسي المقدم لاجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوري الموحد المنعقد في 20-21 شباط الماضي:

(يرى حزبنا أن استخدام الضغوط  السياسية والاقتصادية الأمريكية على سورية، وبضمنها (قانون قيصر) وتشديد الحصار، لن يزيد شعبنا إلّا إصراراً على الصمود في وجه الإمبريالية الأمريكية وحلفائها، وشركائها في الخارج والداخل، وقد طالب حزبنا الحكومة السورية، من خلال البلاغ الصادر عن اجتماع مكتبه السياسي في 28/12/2019، باتخاذ جملة من الإجراءات لتخفيف آثار جميع أشكال الضغوط الأمريكية والأوربية على بلادنا، ومنها قانون (قيصر)، كتقليص قائمة المستوردات والاقتصار على المواد الأساسية لمعيشة المواطن، ومستلزمات الإنتاج، وتوفيرها بأسعار تتناسب مع القدرة الشرائية للفئات الفقيرة والمتوسطة، والتوجه نحو الدول الحليفة والصديقة في التبادل التجاري، ومراقبة سوق القطع الأجنبي تحسباً لاستغلال سماسرته لتداعيات قانون (قيصر) والتلاعب بأسعار الدولار).

ماذا فعلت حكومتنا في هذا السياق؟ وكيف استعدّت لملاقاة (قيصر)؟ صحيح أن فيروس (كوفيد 19) ومداهمته لدول العالم ومنها بلادنا قد نال اهتمام الحكومة بهدف منع انتشاره، وأدى إلى انشغال الجميع، لكن أخطبوط (قيصر)، وتشعباته.. ومراميه المتعددة، لا ينبغي أن تغيب عن بال جميع المسؤولين في البلاد، فالمسألة ليست سهلة، ومواجهتها تتطلب استعداداً استثنائياً في مختلف المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية.

ما عاناه المواطن السوري خلال فترة سريان الإجراءات الحكومية الوقائية بسبب (كورونا) من ارتفاع أسعار جميع السلع الأساسية، وغياب التأثير الحكومي بالأسواق، وتغوّل الحيتان والفاسدين والمهربين والمرتشين، لا يبشر حتى اليوم بجدية الحكومة في التعامل مع تداعيات قانون قيصر، ونرجو أن نكون مخطئين. انتبهوا أيها السادة.. إن الصمود في مواجهة قانون قيصر، واتخاذ ما يلزم للتخفيف من تأثيراته على اقتصادنا وشعبنا، يعني عدم الخضوع للضغوط الأمريكية، ويعني رفض الحلول المشبوهة لأزمتنا، الحلول التي تنال من سيادة بلادنا ووحدتها أرضاً وشعباً.

العدد 1102 - 03/4/2024