تحية من القلب لبناة الوطن في عيدهم

نجم الدين الخريط / الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد:

أتقدم بأطيب التهاني لعمال سورية، ولجميع عمال العالم، بمناسبة الأول من أيار عيد العمال العالمي.

للأسف الشديد، يتزامن الأول من أيار هذا العام مع جائحة كورونا، والإجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومات دول العالم، والتي تفرض منع التجمعات، والتباعد الاجتماعي، والحجر الصحي المنزلي بما يحول دون الاحتفال على نطاق واسع بعيد العمال العالمي، كما اعتادت الحركة العمالية عليه، ويمكن أن يكون هذا المنع بهذا الشكل وبهذه الشمولية هو الأول منذ أن تقرر الأول من أيار عيداً للعمال، تخليداً لذكرى من قُتل من القيادات العمالية في الإضراب الشامل عام 1886 في مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي سورية، كما في العالم، شكّل إلغاء احتفالات الأول من أيار، سابقة هي الأولى من نوعها، منذ أول بيان وزعه الحزب الشيوعي السوري في عام 1925، دعا فيه للاحتفال بالأول من أيار. وقد ورد فيه: (نطلب من جميع العمال والفلاحين في هذه البلاد الشقيّة أن يتركوا أعمالهم، في يوم أول أيار، ويبرهنوا للمتولين والإقطاعيين أنهم طبقة لها الحق بالحياة الحرة …)_ (صفحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوري، زياد الملا، ص16). أي منذ نحو 95 عاماً وعمال سورية يشاركون عمال العالم الاحتفالات في كل عام بعيد العمال العالمي، بأشكال مختلفة تتناسب مع الأوضاع السياسية والظروف الأمنية، يحتفلون سراً وعلانية، في المنازل والبيوت، وفي الأماكن العامة والساحات، في المعامل والمصانع والمنشآت، يرفعون علم الوطن، والأعلام الحمراء، واللافتات المعبرة عن مطالبهم وقضاياهم.

يأتي العيد هذا العام في ظروف مختلفة عن كل السنوات السابقة، سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الدولي.. فقد زاد وباء كورونا من تعرية النظام الرأسمالي، وكشف أكثر وأكثر عجز النظام العالمي الحالي عن مواجهة هذا الخطر الذي يهدد الأمن والسلام الدوليين، كما يهدد حياة وصحة شعوب العالم أجمع. لقد فضحت هذه الجائحة المنظومات الصحية في الدول الرأسمالية وضعف الإنفاق العام على الصحة. وأكدت للمرة الألف أن جزءاً ممّا ينفق في هذه الدول، على تصنيع أسلحة القتل والدمار من طائرات ودبابات وصواريخ، كافٍ لبناء العديد من المشافي وللقضاء على العديد من الأمراض، وإنقاذ حياة ملايين البشر من الأوبئة.

بالمقابل كشفت تطورات مواجهة هذا الوباء عالمياً، عن إنسانية النموذج الاشتراكي- وهذا ليس بجديد، وحرصه على إرساء مفاهيم التعاون والتضامن بين الشعوب.

وبالعودة إلى الوضع الداخلي، يأتي هذا العيد في ظروف بالغة الصعوبة: إجراءات احترازية ضد وباء الكورونا- ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة ومعقدة، ارتفاع جنوني بأسعار المواد الغذائية.. شهر رمضان ومتطلباته، بطالة وخاصة وسط العمال المياومين والحرفيين، وضع صعب جداً وحالة من الاستياء الشعبي العام، ولا حلول ولا آمال، ولا آفاق، وكأننا في نفق مظلم.

لقد قدّم حزبنا للحكومة، كما قدّم غيرنا، منذ بداية أزمة كورنا، بل وقبلها، عدة اقتراحات ملموسة لتلافي الكثير من النواقص والسلبيات، ولتخفيف عبء انعكاسات الحصار الجائر الإمبريالي الجائر وانتشار هذا الوباء، ومفرزات تسع سنوات من حرب إرهابية، استعمارية ظالمة.. ولكن وللأسف الشديد لم يؤخذ إلا بالقليل القليل من هذه الاقتراحات، وكأن الحكومة لا تسمع ولا ترى!

واليوم ونحن نتقدم بأحر التهاني لأبناء الشعب السوري، لعمال سورية، الذين صمدوا، وضحوا، وقاوموا، وعملوا في أحلك الظروف وأقساها، نؤكد مرة أخرى ضرورة معالجة الأوضاع الاقتصادية، بهدف تخفيف الأعباء عن الناس، وبهدف تحسين مستوى معيشة أبناء الشعب السوري من عمال وفلاحين وكادحين، من خلال تبني سياسات اقتصادية متكاملة وشاملة، بعيداً عن الارتجال والتجريب في اتخاذ القرارات، ومن خلال محاربة الفساد والفاسدين والمفسدين والمحتكرين والمتلاعبين بقوت الشعب وأمن الوطن.

وكل عام ووطننا وشعبنا، وفي طليعته بناة الوطن وحماة الوطن، بألف خير.

العدد 1102 - 03/4/2024