على بساطٍ أحمديّ(واقعنا)
غزل حسين المصطفى:
_السّاعة السّادسة مساءً، دقّت ساعةُ الحظر.
وثلةٌ من الشباب مازالوا يتقافزون بين
مداخل الحارات، في سعيٍ وراء كسر النّظام المُتّبع والعبث مع رجال الشّرطة.
صافرات الإنذار من سيارات الشّرطة
تُطلق وهم في لهوهم وقلّة مسؤوليتهم ينغمسون.
لم يكن اليوم الأول لتطبيق حظر التّجول المفروض ضمن سلسلة الإجراءات لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد، وعلى الرغم من ذلك كان منهم هذا.
-الجمعة 3نيسان/2020
على جنبات طريق الربوة تفترش بعض العائلات فطورها مُبكراً
قُبيل الساعة 12 ظهراً التي يبدأ منها تطبيق حظر التجول، بينما كان جارنا يحمل على
ظهره مرشاً ويقوم بتعقيم البناء الذي نقطنه انطلاقاً من الأبواب حتّى أزرار
الأجراس.
_عظمى الدول لم تستطع الصمود أمام هذا الوباء
ونحن تُتخذ الإجراءات على أنها لهو ولعب.
_نُظمٌ صحيّةٌ مدروسة وطواقمٌ طبيّةٌ مُجهّزة
بعنايةٍ تنهار، ونحن ننتظر حرارة شمس الصّيف لتقضي على الوباء.
_ومن ناحية أخرى حتّى لا أكون جائرة الحكم في
حديثي نرى أن تطبيق مجموعة الضّوابط الموضوعة قد لا يكون فعّالاً، ذلك أن الدولة
وقدرتها على مساعدتنا في الالتزام بذلك ضئيلة، ولن أقول إنها شبه معدومة.
_كيف نلتزم البيت فرضاً وربطةُ خبزٍ واحدة
تتطلّب منّا النّزول عدة مرّات إلى المعتمد، وبعد الانتظار في الطّابور المُكتظ،
إذ إننا لا نستطيع الحصول على احتياجاتنا لمدة يومين فرضاً ونُقلل من مرّات
الخروج!
_نعتمد على نظام تعقيم الحاجات والأيدي
والأسطح …الخ وسعر المعقمات يتقافز صعوداً وقد لا يتوفر بسهولة، إنما يحتاج إلى
همساتٍ ولمزاتٍ وشراء من تحت الطّاولة!
لم أنكر في بداية حديثي استهتار البعض أو جزء كبير من
أفراد شعبنا السّوري ولكن في المقابل معطيات الواقع لا تساعدنا، ونحن مدركون
تماماً أنَّ النّجاة تحتاج إلى التزام، وأنَّ الضّوابط والقيود الموضوعة مدروسة
وواجبة ولم تخرج عفو الخاطر أو لتقييد حريتنا بلا سبب، كما أنها إلزامية لا طوعية
وتستدعي النّقاش.
قد كنت أستعين يوماً ما بهذه الجُمل (خلق الله الكون
وأبدع في خلقه، وجعله يقوم على أسس ونظام يُسلم بعضه لبعض حتّى يتكامل…) لأكتب
موضوع التّعبير المدرسيّ في حديثي عن الفصول وقد علّمتها لأخوتي لأنّني مقتنعة بها
تماماً وما كتبتها لأحشو سطوري، فلولا النّظام لما قام قائم لبعض مناحي الحياة.
_اليوم وبعد أن فارقني دفتر التّعبير إلاّ أن قناعتي تلك لم تفارقني بعد، النّظام والأسس
والقوانين كلها أشياءٌ تُعيد هندسة كلّ شيء انطلاقاً من الكوكب وصولاً إلى تفاصيل
المعيشة ونظام السّير والتّوظيف …الخ، إضافةً إلى حقوقنا وواجباتنا، لذلك
فالالتزام بهذه الضوابط في مختلف مناحي الحياة سواء ضدّ كورونا أو غيره، هو فرض
عين علينا جميعاً حتى لا تنقطع سلسلة النّظام وينهار أمام أعيننا كلُّ شيء ونقعد
في الطُّرقات نحثو التّراب على رؤوسنا ونقلّب الكفوف ندماً وحسرةً.
أنا مستمرةٌ في عهدي الذي قطعته في البحث عن الحقيقة
ونشرها، ولكنّني وحدي لن أستطيع إلى النجاة سبيلاً، دعونا نوحد الرؤى ونلتزم، نُفكّر
ونبحث عن مصالحنا انطلاقاً من كوننا شعوباً توحدنا المصلحة العامة مؤمنين بحق بما
نفعل فيكون القانون إطار الحياة لا نصل سيف مُسلّط على رقابنا.