السلوك الصحي السليم خير وقاية

وعد حسون نصر:

لنتدارك الخطر يجب البحث عن السبب لنصل إلى النتيجة. لذلك، ولنحمي أنفسنا من الوباء والأمراض يجب أن نُعزّز الوقاية والثقافة الوقائية السليمة، ولنشر هذه الثقافة الوقائية في المجتمع نحتاج إلى جهد واع ومنظّم ومستمر، ولا بدّ أن يكون شاملاً للجميع، لا بدّ أن تكون للحكومة اليد الأساسية فيه، بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، كل منها في مجال عملها ونطاقها الجغرافي، لتكون الفائدة أكثر شمولاً، ليطول الوعي الوقائي كل صغيرة وكبيرة في حياتنا، وليس مقصوراً على نواحٍ بعينها دون غيرها، كما أنه لا يتحقّق بالطرق التقليدية للتوعية، كأن نسرد على مسامع المتلقين ما نريد التوعية الوقائية منه، فالمعلومة سرعان ما تتبخّر في أقرب فرصة، تماماً كما يحدث مع الحفظ التلقيني في المدارس، تكون نتائجه سلبية ولا تدوم، فالتركيز يجب أن ينصّب على تكرار الحدث وممارسته باستمرار حتى يصبح سلوكاً معتاداً، أصيلاً لدى الفرد، دائماً وليس مؤقتاً، ومن المعروف أن علاج معظم الأمراض يُكلّف أموالاً طائلة، فهو ليس دواء فقط، لكنه منظومة متكاملة الخدمات يقف على رأسها الطبيب المعالج وطاقمه الفني والتمريضي والإداري، وتتطلّب تجهيزات لا حصر لها، وكل ذلك بالإمكان التقليل منه والوصول به إلى أدنى درجات الإنفاق، لو كانت ثقافتنا الوقائية عالية، وتجنبنا كل ما يمكن أن يضعنا فريسة للأمراض الخطيرة والأقلّ خطورة، وكلما كان سلوكنا صحياً، سليماً، كانت الوقاية والابتعاد عن المرض أكثر سلامة، فممارس الرياضة والمشي، والعادات الغذائية الصحيحة كلها تساعد على تعزيز مناعتنا ومقاومتنا للمرض. ولعلّنا الآن أمام وباء عالمي تتصدّى له كل دول العالم لتتجنب خطره (كورونا) مرض العصر الفتّاك، ولكي نتدارك هذا الوباء لابدّ من اتباع العادات الصحية السليمة والوقاية الشديدة من عدم التجمع، وعدم السعال بوجه الآخر دون وضع منديل ورقي على وجهنا، وعدم استعمال أدوات الغير، كذلك النظافة الجيدة الشخصية والمنزلية، وفي الطرقات والحافلات والابتعاد عن الازدحام للتخفيف من التلوّث، كل هذا يساعدنا على تدارك الوقوع في المرض ويجنّب عائلاتنا الخطر، لذلك فالسلوك الصحي مهمة يجب إدراكها واتباعها من مبدأ أهميتها في الحياة، فلنعقلها ونتوكل، بمعنى أن نحتاط للأمر ونتوقع سلبياته قبل إيجابياته، ونتّبع ما يمكن أن يقود إلى النتائج الإيجابية، ونتجنّب ما يمكن أن يوصلنا إلى النتائج السلبية، وهي أحد أوجه التربية التي يجب أن ننشئ أبناءنا عليها، ونحن مطمئنون إلى أن نتائجها المستقبلية ستكون رائعة. الحيطة والحذر ضروريان، فما يُضيرنا إن عزمنا على السفر، دون أن نترك وراءنا أشياء ثمينة في بيوتنا يمكن أن تتعرّض للسرقة؟ لماذا لا نلتزم بتوفير مقومات السلامة والوقائية بدل أن نتعرّض إلى ما لا تحمد عقباه؟ لا يغيب عنا دور الحكومة أثناء حالة الطوارئ بأن تؤمّن مستلزمات المواطنين، فليس من الطبيعي أو الممكن أن نفرض على المواطن التزام منزله وترك عمله للتخفيف من انتشار الوباء وهو لا يملك قوته اليومي، ونحن بعيدون كل البعد عن تأمين مستلزماته وخاصةً أن العائلات السورية نسبة كبيرة منها قوتها يومي عندما تعمل تأكل والأغلب لا يملك منزلاً فهو مضطّر للإيجار فكيف يؤمن إيجار منزله إذا بقي جليس المنزل؟ أنا لست ضدّ الوقاية من المرض ولا ضدّ الحظر الذي فرضتموه علينا بمحنة المرض العالمي، لكن السؤال هنا هل نستطيع نحن تأمين مستلزمات أطفالنا إذا توقفنا عن العمل، أليس من واجب الدولة تأمين مطالبنا الغذائية قبل كل شيء؟

أتمنى أن تكون لدينا نحن الشعب ثقافة اسمها ثقافة الوقاية، سلوك صحي سليم يوصلنا برَّ الأمان لنا ولأسرتنا وللعالم أجمع، لكن أمنيتي الكبيرة أن تُدرك الدولة أهمية إدارة الأزمة لتستطيع أن تخرج بشعبها للأمان بأقلّ الخسائر للطرفين، وبالتالي لابدّ أن ندرك أن ثقافة (درهم وقاية خير من قنطار علاج) مطلوب أن تسود كل نواحي حياتنا، والسلوك الصحي السليم والعادات السليمة سواء الغذائية أو الوقائية أو طريقة استعمال الدواء المناسب وضمن وصفة من طبيب مختص، ولندرك أنه بشيء من التدبير والاحتياط الواعي نوفّر الكثير من الآلام والخسائر والضحايا، بالوقاية الصحية السليمة التي تعتبر بمثابة جزء من ثروة البلد ومستقبله، وتجاهلها ألم موجع بكل المقاييس، إذ نرتقي من خلالها لمكانة أعلى، وبإيجابيتنا نستطيع أن نُنجز الكثير، فما علينا في هذه الفترة إلاّ اتباع العادات الصحية السليمة، والابتعاد عن السلبيات والأخبار المزعجة والشائعات لننهض من جديد أصحاء النفس قبل الجسد، بالوعي نستطيع تلافي أي وباء وأي خطر.. الصحة والسلامة للجميع.

العدد 1102 - 03/4/2024