الرهان الحقيقي اليوم على مؤشر السلوك الجمعي
حسام محمد غزيل:
الرهان الحقيقي اليوم هي على مؤشّر السلوك المجتمعي، إذ إن ارتفاع هذا المؤشّر بصيغة إيجابية يتناسب طرداً مع الأمل بخلاصنا، بينما انخفاضه يتناسب عكساً مع ارتفاع مؤشّر فقدان الأمل من قدرة الإنسان على التكامل والتعاضد للخروج من هذا النفق.
الاختبار الحقيقي اليوم هو لما يدّعيه الإنسان من حقيقة وعيه وتطوره الحضاري وانعكاس هذا التطور صحياً وسلوكياً، فهل يستطيع الإنسان المستند جوهراً لشِقّه المتفرّد بالتطور التكنولوجي والشكلاني أن يتغلّب على هذا الامتحان السلوكي أولاً؟
هل يستطيع القيام بتنحية رغبته الجامحة للربح وتحقيق المكاسب؟
هل بإمكانه التخلّي عن بعض مظاهر حياته الاستهلاكية ليتمكّن من مواجهة هذه المحنة؟
في أحد الفيديوهات يظهر بعض عُمَد المناطق في إيطالية مُعلنين غضبهم من السلوكيات غير الواعية التي يقوم بها المواطنون بتقديم سلوكهم الاستهلاكي على الوعي بضرورة تنحية هذه التفاصيل جانباً لتحقيق خطوة للحدّ من انتشار المرض (التّسكّع في الطرقات، الرياضة في الأماكن العامة، تأمين طعام الكلاب، الحلاقة في المنازل للسيدات… الخ).
إضافة إلى ذلك يُثير الهلع قيام بعض الأشخاص بتحدي كورونا بشكل مقرف ومثير للمخاوف ممّا اضطر دولاً مثل بريطانيا وأمريكا لاعتبار هذه التصرفات بمثابة جريمة إرهابية ويتمّ محاكمة الأشخاص الذين يقومون بهذه الأفعال من تحديات وعطاس مقصود بوجه عمال النجدة والبوليس والعامة، ويتم محاكمة من ثبت عليهم هذا الفعل حالياً.
أمّا عندنا فنجد انتشاراً واسعاً للشائعات لتأكيد صحة ما يعتقد فيه كل مواطن على حدة، إضافة إلى ارتفاع الأسعار الذي يخلق أزمة اقتصادية ويسبب نقصاً في الاحتياجات الأساسية التي ليس بمقدور المواطن تأمينها، يرافق ذلك تقنين سلوكي بكل ما يحتاجه الفرد (خبز، كهرباء، مواد تموينية) إلى جانب حملة كبيرة بمحاولة التوعية، يقابلها حملة من الراغبين بملء الوقت خلال هذا الحجْر.
يعمل الإنسان على الهروب من واقعه في كثير من الحالات، ولست ضدّ البحث عن التسلية في الوقت الذي يقضيه في منزله متخوّفاً من خطر الفيروس، لكن على الأقل ألاّ يصبح مركزاْ لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة وألاّ يستخدم فترة الحجر للقيام بالرحلات والتجمعات في المنازل والأماكن العامة.
السؤال الآن: هل تؤدي الحكومات دورها بتأمين احتياجات المواطنين وتخفيف الضغط عنهم بشكل عملي!؟
هل نملك القدرة على التعامل السريع مع المستجدات؟
هذا ما نأمله وخصوصاً أننا لا نملك فعلياً حلاً احترازياً لإقناع الناس بالالتزام بشكل فعلي إلاّ عن طريق وضع القوانين والتعميمات الملزمة، هذا ما ستكشفه الأيام لنا فعلاً، وهل كنّا حقاً على قدر من المسؤولية، مسؤولية ستُحدّد شكل المجتمع والمنطقة بأكملها في المرحلة القادمة.
أما بخصوص الدور الإعلامي، فأكثر ما يمكن القيام به هو التأكيد على التوعية ببعض السلوكيات والعمل على الحدّ من الهلع والخوف المُتنامي لدى الناس من سيل الشائعات المُتضخّم بكيفية التأكّد من صحة الأخبار ومصادرها.