اتفاق موسكو.. لا نثق بأردوغان

رئيس التحرير:

 قاومت سورية وشعبها وجيشها غزو الإرهابيين وداعميهم بإصرار وتصميم، ورغم الدّعم والمساندة التي قُدِّمت لداعش وحُلفائها من قِبل تحالف دوليّ ضم بُلدان المال والترسانات الحربيّة، بقيادة قلعة الإمبرياليّة العالمية، صمدت بلادنا، وأثمرت تضحيات شعبنا وبسالة جيشنا الوطني المقدام، ومساندة أصدقائنا في روسيا، إنجازات كبرى تمثلت في دحر المنظمات الإرهابية، واستعادة معظم الأرض السورية، في الوقت الذي لم تتخلَّ فيه قيادتنا السياسيّة عن سعيها من أجل إنجاح جهود التّسوية السّياسيّة في جنيف وأستانا ومجلس الأمن الدولي.

كتبنا مراراً على صفحات (النّور) إنَّ نجاح الحلول السّلمية يوفر الدّم السّوري، ويوقف الهدم، والحرق والاستباحة، لكنّنا أكدنا حينذاك، وما زلنا نؤكد أن أيُّ حلٍ سلمي لأزمتنا الكارثيّة يجب أن يستند إلى قاعدة وطنية راسخة، إلى ثوابت لا تقبل المساومة، وهي الاستمرار في مكافحة الإرهاب، والحفاظ على سيادة سورية على جميع أراضيها، ووحدتها أرضاً وشعباً، واحترام حقوق الشعب السوري السياسية والدستورية، وخياراته دون تدخل خارجي.

لقد قدمت صيغة (أستانا) بجهود روسية وإيرانية واستجابة الحكومة السورية العديد من الاقتراحات التي تحولت إلى خطوات عملية، ساهمت في إيقاف العمليات العسكرية واللجوء إلى المصالحة الوطنيّة في العديد من المناطق، لكن المراقب المحايد لتلك الجهود شكّك بمواقف أردوغان وحليفه الأمريكي تجاه العملية السلمية، وجاء عدوانه العسكري واحتلاله لمدينة عفرين، ومساندته غير المحدودة للنصرة وحلفائها في إدلب، ثم عدوانه الغاشم على المناطق الشرقية، فطرح ألف إشارة استفهام حول جدوى العملية السلمية برمتها، ورغم تعهدات أردوغان أمام الرئيس بوتين في سوتشي، بلجم الإرهابيين في إدلب، والحفاظ على سيادة سورية، فقد أثبتت الوقائع دعم تركيا للنصرة وحلفائها في إدلب، وتشجيعها على ارتكاب المجازر بحق المواطنين السوريين في أرياف حماة وإدلب وحلب.

الجيش السوري الباسل أدى واجبه الوطني المقدس في الدفاع عن المواطنين السوريين في جميع المناطق السورية، وحرّر ريف حلب كاملاً  من سيطرة الإرهابيين، واستعاد عشرات القرى في ريف محافظة إدلب، وأدمى تجمعات الإرهابيين المدعومين من تركيا لوجستيا وبشرياً، واضعاً  نصب عيونه طردَ الإرهابيين واستعادة محافظة إدلب إلى حضن الدولة السورية، كحلقة أخيرة في سلسلة وجود الإرهاب على الأرض السورية، وهذا ما أفزع أردوغان الذي دعّم وجوده العسكري في إدلب، واشتبك مع قواتنا المسلحة، ولجأ إلى حليفه الأمريكي  وشركائه في (الناتو) لدعمه في مشروعه  الساعي إلى إطالة أمد الأعمال العسكرية واستنزاف سورية.

ومع تقديرنا الإيجابي لما أسفر عنه الاتفاق الروسي التركي المتعلق بوقف العمليات العسكرية في إدلب، والذي حافظ على  إنجازات الجيش السوري وسيطرته على المناطق التي حررها، ورتّب على أردوغان تلبية حزمة من الإجراءات، لإفراغ محافظة إدلب من الإرهابيين، والعودة إلى إحياء العملية السلمية، لكننا لا نثق بوعود أردوغان وتعهداته، ولا بنوايا داعميه ومحرّضيه وعلى رأسهم حليفه الأمريكي، فالعملية السياسية تحتاج إلى أطراف تؤمن بالسلام، وتسعى بإخلاص إلى وقف سفك الدم السوري، لا إلى مجرمي الحروب، والمنتفعين من استمرارها والمحرضين على تصعيدها كما يفعل أردوغان.

العملية السلمية مازالت بانتظار أطراف تضع مصلحة سورية وشعبها وسيادتها فوق كل مصلحة أخرى، وخاصة مواجهة العدوان التركي الغاشم والاحتلال الأمريكي للأرض السورية.. بانتظار أطراف تسعى إلى وضع نقطة النهاية لأزمة أرهقت السوريين.

جاء في التقرير السياسي الذي أقره المؤتمر الثالث عشر لحزبنا الشيوعي السوري الموحد: (تحرير جميع الأراضي السورية المحتلة سواء من إسرائيل أو القوات الأمريكية وحلفائها، أو من تركيا العثمانية، أو من العصابات الإرهابية، والعمل من أجل التوصل إلى حلٍ سياسي للمسألة السورية، يضمن استقلال الدولة السورية ووحدتها أرضاً وشعباً، في مواجهة جميع محاولات التفرقة أو التقسيم على أسس طائفيّة أو مذهبية أو عرقية).

لقد أبدت سورية استعدادها لإنجاح المبادرات السلمية، والباقي يقع على عاتق الآخرين. أما جيشنا الوطني، جيش أبناء سورية فيرسم ببسالته وتضحياته مشهداً قد يقنع الآخرين بجدوى السلام.

العدد 1102 - 03/4/2024