قراراتنا بين التسرع والتأخر

 فؤاد اللحام:

حفلت الفترة المنصرمة بإصدار مجموعة هامة من القرارات، في محاولة لمعالجة عدد من القضايا الاقتصادية الهامة التي تواجه البلاد في هذه المرحلة.

 وعلى الرغم من أهمية هذه القرارات وضرورتها، إلا أنها أثارت عند التطبيق الكثير من التساؤلات وبيّنت العديد من النواقص والثغرات التي تحول أو تعرقل تحقيق الأهداف الهامة والضرورية المرجوة منها.

لقد بات من الواضح أن هناك فجوة موجودة في عملية إعداد القرارات وإصدارها، تتمثل بعدم الدراسة المعمقة والشاملة للآثار السلبية والايجابية المحتملة للقرار المزمع إصداره من مختلف النواحي والحالات، وكذلك الثغرات التي يمكن أن تحول دون تحقيق الأهداف المرجوة منه أو التي يمكن النفاذ منها لتجاوزه، والتي يجب أن يكون جميعها معروفاً مسبقاً لتضمينها ومعالجتها من خلال نصوص القرار وتعليماته التنفيذية، والإجابة في هذا المجال عن التساؤل الذي يقول: ماذا لو؟

الأمثلة على التسرع في إصدار القرارات عديدة، وأحدثها القرارات الأخيرة حول التعامل بالقطع الأجنبي وبيع العقارات والسيارات واستخدام البطاقة الذكية وغيرها، التي بينت فور تطبيقها وجود العديد من الثغرات والنواقص. فبعد فترة وجيزة من صدور هذه القرارات والبدء بتنفيذها طلبت رئاسة مجلس الوزراء من الجهات الحكومية المعنية وضع التعليمات التنفيذية لها! وبدأت الاجتماعات العديدة بين هذه الجهات والتجار والصناعيين لبحث إمكانية معالجة النواقص والثغرات والمخاوف من تطبيقها، وهو ما كان من الواجب مناقشته ومعالجته بالتوازي مع عملية إعداد هذه المراسيم والقرارات قبل إصدارها.

على المقلب الآخر هناك العديد من القرارات التي كانت تطالب بها مجموعة واسعة من المواطنين والمعنيين والمختصين، كانت تُقابَل بالوعود والتسويف باتخاذها، ثم فجأة يتم اتخاذها بعد إدراك الجهات المعنية الآثار السلبية من تأخرها، وأحد الأمثلة على ذلك سعر قطع الحوالات الذي رُفِع مؤخراً من 434 ليرة إلى 700 ليرة، بعد تأخر طويل حرم البلاد من ملايين الدولارات من تحويلات السوريين في الخارج.

توزع القرارات بين التسرع من ناحية، والتأخر من ناحية أخرى، أدى ويؤدي في كلتا الحالتين إلى عدم تحقيق الأهداف المرجوة منها، لأنه لا يكفي أن تكون فكرة القرار جيدة ومطلوبة، بل ينبغي أن يترافق ذلك مع جودة أسلوب تنفيذها. كما أن التسرع والتأخر يفقدان القرارات لا فائدتها وأهميتها وحسب، بل كثيراً ما يؤدي تطبيقها إلى خلق مشاكل ومصاعب جديدة تتم معالجتها بالأسلوب نفسه، وهكذا. لقد بات من المطلوب اعتماد المدخل المتعارف عليه عالمياً في عملية إصدار القرارات، لأنه بالتأكيد هو الأفضل مما يجري لدينا حالياً.

العدد 1104 - 24/4/2024