زمهرير حكومي

سليمان أمين:

سياسة محاربة البعوض لا تجدي مادام المستنقع موجوداً ولم تجفف مياهه الأسنة الحاضنة لبيوض البعوض وغيرها من الحشرات المؤذية الناقلة للأمراض والبكتريا، وهذا ما يحدث اليوم بمنهج محاربة الفساد الذي لم تستوعبه حكومتنا بل فهمته على طريقتها الخاصة، ولكن أين هم الفاسدين الذين حاربتموهم!

لم نسمع ولم يسمع الشعب ولم يرى وجه واحد منهم، ما سمعنا به هو أشياء بسيطة لأشخاص عاديين لا يعرفهم الشعب أبداً، لم نسمع بأنه تم توقيف حوت واحد من حيتان الفساد أبداً، ولا مسؤول ينهب وينهب ووثائق فساده تنشر على الصفحات الزرقاء باستمرار، لم نرى أي حكم صدر لصالح موظف تم استبعاده من وظيفته العامة لأنه رفض الرشاوى والسكوت عن الخطأ وهم كثر ويمكن الرجوع للمحكمة الإدارية ومراجعة سجلات المظلومين، ما رأيناه وقرأناه مجرد تصاريح خلبية ثورية ضد الفساد والفاسدين، ومنهجية التلاعب بعواطف الشعب ونهبه مازالت مستمرة بقوة دون إيجاد أي حل أو علاج للحالة التي وصل لها المجتمع اليوم من فقر وجوع وغلاء لا يمكن للعقل أن يتصوره، ولم نرَ شيئاً بعد من عصابات السرقة و الإجرام أمام ما رأيناه في الفترة الماضية، فالجوع كافر ويهدم مجتمعات بأكملها لعل حكومتنا الموقرة المبدعة بكتابة تصاريحها والتي دخلت موسوعة غينس وحصلت على جائزة نوبل بتواقيعها اليومية على قرارات إعدام الشعب وتعليقه على مشانق الفقر، لا تعلم ماذا يفعل الفقر بالمجتمع؟

وكيف يصبح الفقر سيداً شيطانياً يحرك الغرائز الوحشية لدى الإنسان.

لم تعد منهجية جعل المواطنين متسولين همهم الوحيد البحث عن طعامهم وحاجاتهم تجدي أبداً، فيكفي إذلالاً للشعب بالقرارات الخاطئة وببطاقتكم الغبية التي لا جدوى منها سوى الذل أكثر وأكثر، إن كانت وزارة بأكملها غير قادرة على ضبط سعر مادة فماذا يفعل وزيرها سوى التصريح؟

وحال وزارة أخرى لم تضع علاجاً حتى اليوم لتأمين الغاز للمواطنين بطريقة تحافظ فيها على كرامتهم لا إذلالهم، وواقع وزارة أخرى لم نرى أيّ عمل لها منذ تأسيسها لعل وزيرتها غير متفرغة لوضع خطط تنمية لوزارتنا ومؤسساتنا الأخرى المترهلة بالفساد والمليئة بأصحاب الأوسمة المزيفة و بياعي الكلمات البراقة، يكفي ما يعيشه الشعب من الآلام تكفيه لسنوات وسنوات والذي مازال أبناءه حتى هذا اليوم يضحون بأرواحهم من أجل أمانكم، وأنتم مازلتم تصدرون قرارات الإعدام اليومية بحق هذا الشعب، إن كنتم تسألون عن الحلول والعلاج للواقع فهناك الكثير والكثير من الخبراء أصحاب الرؤى الذين تم استبعادهم بكافة الطرق لتستفاد من خبراتهم دول أخرى وتمنحهم كافة الحقوق الإنسانية، فالشعب اليوم بحاجة لبعض الدفء بالقرارات لا بزمهرير أكثر تجمداً وقتلاً للأرواح.

العدد 1104 - 24/4/2024