حكومة تستعـر نار إصلاحاتها

سليمان أمين:

بناء المجتمعات يبدأ من بناء الفرد ومنحه حريته واحترام إنسانيته وكرامته واحترام حقه في وطنه، ولكن إذا عدنا وتأملنا واقع حال الفرد السوري اليوم لوجدنا كم تهدر كرامته ويُسلبه حقه الطبيعي في العيش بوطنه بكل كرامة لا بقتله جوعاً و استعباداً. ما حدث و يحدث منذ سنوات بحق السوريين من قبل الحكومات المتعاقبة بات أوضح من الشمس ذاتها فالتهميش  من أجل المنفعة الشخصية، وتعويم البعض وإعطائهم كل الامتيازات والتصفيق الحار لهم، وهو ما يُمارس منذ سنوات يجب أن يلغى ويحاسب كل فاعل جعل من واقعنا اليوم جهنماً تستعر نارها، ويجب أن يُقال من منصبه كلّ صاحب تصريح كاذب ويحال إلى التحقيق وفق القانون والنظام العام للدولة، فواقع السوريين اليوم أسوأ من السيئ والحكومة مازالت تثبت في كل تصريح مناقض للواقع المعيش خلال سنوات عجزها عن معالجة أدنى المشاكل الخدمية، كما فشل معها البرلمان، فهو يُسهل تنفيذ قرارات الحكومة ولم يحاسبه أحد رغم كل المطالبات الشعبية عبر وسائل التواصل الاجتماعي خلال سنوات مضت، حتى بات مجتمعنا السوري اليوم غارقاً بالظلمة والظلم ومسرحاً لكل أنواع الجرائم و التخلف .

لا يعلم السوريون ماذا ينتظرهم بعد في مطلع العام الجديد أكثر من واقع الحال  فلا كهرباء ولا غاز ولا مصادر طاقة للتدفئة ولوسائط النقل، غلاء فاحش لكل شيء.

أكثر ما يثير الاستغراب تصريحات تليها تصريحات منفصلة عن الواقع تماماً فقد اختتمت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السنة الماضية بتصريح نافيةً فيه تحرير أسعار السكر والرز، بينما السعر يرتفع وفق سعر الصرف اليومي، فسعر كيلو السكر وصل لحدود 450 ليرة سورية ، والرز بدأت تسعيرته من 500 ليرة سورية وما فوق حسب النوع والصنف، وهنا نتساءل إن كانت هذه المواد مدعومة من قبل دولار المركزي لماذا ارتفع سعرها بشكل كبير تجاوز 40% ؟ وفي التصريح نفسه أوردت الوزارة أن سعر الرز في مؤسساتها 400 ل.س للكيلو الواحد وهذا غير صحيح، فأسعار المواد في مؤسسات التجارة أعلى من أسعارها في محلات الجملة في السوق وأصنافها محدودة وذات جودة أقل من الموجود في السوق، ولن نذكر الصنف الموجود فعلى سبيل المثال الرز الحبة الطويلة 600 ل.س يقابله في السوق 600 ل.س لكن الفرق بجودة حبة الرز ففي الأسواق الحرة جودتها أعلى وغير مغسولة كما في المؤسسة .

الكهرباء بأسوأ حالاتها رغم كل تصريحات الوزارة خلال العام الفائت أن الكهرباء ستكون بخير خلال فصل الشتاء والتقنين بأخف حالاته، ولكن الواقع اليوم يمحو هذه التصاريح ويغسلها بماء الأمطار والثلوج المتواصلة منذ أسبوعين، فالكهرباء باتت أسوأ من السنوات التي مضت، مناطق كثيرة لا تصل فيها الكهرباء سويعات قليلة خلال اليوم ومناطق أخرى لا تصلها الكهرباء أياماً كثيرة، وهنا نتساءل ماذا كان يفعل مديرو الكهرباء في الصيف الماضي، إن كان سبب الأعطال وفق التصريحات هو أعطال فنية؟ أين ذهبت ميزانية الوزارة ومديرياتها وعلى ماذا صرفت إن لم يقم مهندسوها بصيانة الشبكة الكهربائية بشكل جيد؟

الغاز للعام الثاني على التوالي غير متوفر وعشرات التصريحات بأن المادة متوفرة، يتساءل مواطنون أين يتوفر الغاز؟ وفي أي مكان؟ إن كان السوريون اليوم لا يحصلون على جرة غاز بموجب البطاقة الذكية، وإن حصلوا عليها دفعوا ثمنها ضعفي تسعيرتها الأساسية، وحال الغاز والكهرباء ليسا فقط ما يقلق السوريين اليوم، فهناك الكثير من الأمور التي باتت تؤرق حياتهم المعيشية بقهر وذل .

سنوات تمرّ ونحن نتساءل على ماذا تُصرف ميزانية مؤسسات الدولة الخدمية، إن كانت الشوارع بأسوأ حالاتها، والخدمات بأسوأ وأسوأ من شبكة المياه والكهرباء والهاتف…الخ.

والغلاء أصبح جهنماً تستعر نارها، والحكومة لا تبالي سوى بتصريح لم يعد يُسكّن وجع الموجوع ولا يُخدّر عقل المواطن ويسكته، والبرلمان مازال يتساءل عن جديد الحكومة من قرارات.

هذا حالنا اليوم في بداية 2020 لا نعرف ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة من تغييرات ومتغيرات جديدة، ولكن مهما طغت تلك المتغيرات ستبقى مهنتنا الإعلامية صوت كل كادح له قضية فهي سلطة الحقيقة وصوتها.

 

العدد 1104 - 24/4/2024