قانون “قيصر” استهداف للقمة عيش السوريين!

د. صياح عزام:

لم تكتف الولايات المتحدة بكل ما اقترفته من جرائم ضد الشعب السوري والدولة السورية منذ عام 2011 حتى الآن، إذ دعمت المجموعات الإرهابية المسلحة بالمال والسلاح والمعلومات، ولم تكتف إدارة الرئيس المتصهين ترامب بالسطو على النفط والغاز السوريين شرق الفرات والقيام بنقلة بالصهاريج تحت حماية القوات الأمريكية إلى الخارج لبيعه والمتاجرة به، بالتعاون مع ما تسمى (قوات سورية الديمقراطية)، كل ذلك غير كاف من وجهة نظر ترامب وإدارته.

ولهذا في يوم الأربعاء يتاريخ 11/12/2019 مرّر مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون ينص على إقرار موجة جديدة من موجات الحصار والعقوبات الجائرة وغير المسبوقة على سورية تستهدف لقمة عيش السوريين أولاً، وعرقلة جهود القيادة السورية للنهوض مجدداً، لإعادة الإعمار لما دمرته المجموعات الإرهابية من بنية تحتية ومعامل ووسائل إنتاج وما ألحقته من أضرار فادحة في البشر والشجر والحجر ثانياً، طبعاً كل ذلك بدعم من أمريكا وإسرائيل وحلفائهما وعملائهما في المنطقة، وكذلك إعاقة عملية إكمال السوريين لتحرير ما تبقى من أراضيهم تحت سيطرة الاحتلال الأمريكي والتركي ومجموعات إرهابية في إدلب.

إن القانون المذكور الذي أطلق عليه قانون (سيزر) أي (قيصر) يعطي صورة واضحة عن (البلطجة) الأمريكية وعن الاعتداء السافر على حقوق الشعب السوري وموارد بلاده، بعد أن تمت سرقة هذه الموارد من قبل واشنطن وعملائها، وهدفه الرئيسي، إطالة أمد الحرب على سورية، كما أنه نوع جديد من أنواع الإرهاب الاقتصادي والنفسي الذي يمارس من قبل واشنطن لتحقيق ما عجزت أدواتها وداعميهم في المنطقة (المجموعات الإرهابية المسلحة ورعاتها) عن تحقيقه بالقوة العسكرية.

إضافة إلى ذلك وإلى جانب ما يحققه هذا القانون الجديد من ضغوط على الاقتصاد السوري، ومن تعطيل لعملية إعادة الإعمار يحمل معه خطراً آخر، يتجسد في أنه استثنى ما تسميه واشنطن (المنظمات غير الحكومية) التي تنشط في مناطق الاحتلال التركي والأمريكي والميليشيات الإرهابية والانفصالية، بما يكرس ما تريد واشنطن تكريسه وإدامته.

أيضاً في الوقت نفسه، يركز قانون (قيصر) بشكل كبير على المصرف السوري المركزي، لماذا؟ الإجابة واضحة وهي بهدف التضييق على مخزون القطع الأجنبي المتوفر في المصرف والذي تستخدمه الدولة لتمويل استيراد السلع والمواد الأساسية التي يحتاجها السوريون في حياتهم اليومية، وهذا يشكل عدواناً مباشراً وآثماً على أبناء سورية، الذين يعانون من تسع سنوات من الحرب الظالمة عليهم.

والأدهى من ذلك أن القانون ينص على استهداف كل طرف يحاول مد يد المساعدة للدولة السورية في مجال إعادة الإعمار، سواء كان هذا الطرف دولة، أو شركة أو مؤسسة أو حتى فرداً!

ومما يلفت النظر، أن التضييق الأمريكي على قطاع الطاقة من نفط وغاز، جاء في الوقت الذي تحتل فيه القوات العسكرية الأمريكية منابع النفط والغاز في الشرق السوري بشكل مباشر، لحرمان السوريين من نفطهم في فصل الشتاء وما يحمل معه من بار قارس. ومما يجدر ذكره أن قانون (قيصر) هذا كان قد طرح قبل نحو ثلاث سنوات، ولكنه لم يمر آنذاك، الأمر الذي دفع الذين يقفون خلفه لإلحاقه بقانون ميزانيه وزارة الدفاع للعام 2020 التي صادق عليها مجلس النواب، والذي تضمن مشروع قانون (سيزر- قيصر) لحماية المدنيين في سورية.

هذا من المتوقع أن يصادق الرئيس ترامب على هذا القانون بعد تصديق مجلس الشيوع عليه في وقت قريب.

على أيّ حال، إن هذا القانون الجائر والعدواني ليس مستغرباً، فهو يأتي في سياق سلسلة متواصلة لم تنقطع من الإجراءات الأمريكية التي اتخذت ضد الشعب السوري وقيادته الشرعية على مدى سنوات طويلة بسبب المواقف المبدئية الثابتة لسورية في وجه الإملاءات الأمريكية في المنطقة ومحاولات الهيمنة على إرادة شعوبها ونهب خيراتها.

ومهما حاولت إدارة الرئيس ترامب أن تظهر أمام العالم بأنها مازالت الدولة المهيمنة على القرار الدول تفعل ما تشاء في أنحاء العالم، فإن هذه المحاولات لن تنطلي على التراجع الأمريكي الملموس أمام قوى عالمية صاعدة تسعى لإقامة عالم جديد بعيد عن سياسة القطب الواحد.

العدد 1104 - 24/4/2024