التدخل الأمريكي في هونغ كونغ

سامي أبو عاصي – بكين:

محاولات مستمرة تبذلها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لتفكيك وحدة النسيج الصيني، وإيجاد خرق يمكنها من تقويض عملية التنمية المتصاعدة التي تسير بها الصين على خطا ثابتة. وأخر تلك المحاولات هو توقيع الكونغرس الأمريكي على (مشروع قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ)، الذي تسعى الولايات المتحدة من خلاله لرفع وتيرة الحرب الباردة مع الصين، وهو ما جوبه بتنديد دولي واسع النطاق واعتُبر تدخلاً سافراً في شؤون الصين الداخلية.

هونغ كونغ التي تتميز كمنطقة إدارية خاصة تتبع بشؤونها الخارجية والدفاعية للصين. هذه الصيغة التي أوجدتها الصين كي تعطي هذه المنطقة ميزة خاصة في تعاملها مع المجتمع الغربي، وتشكل هذه المدينة صلة الوصل بين البر الصيني والعالم الخارجي، ومن هذا الباب أخذت موقعها ومكانتها العالمية، باعتبار أن الصين أعطتها هذا الدور لتكون إحدى بواباتها الجمركية في الاستيراد والتصدير، وإحدى الصيغ في الإدارة تحت ما سمي (دولة واحدة ونظامان).

هذا الدور الذي تلعبه المدينة اليوم مهدد بالزوال تحت رغبة الجانب الأمريكي في زعزعة استقرار البيت الداخلي الصيني، وقد تنامت نزعته العدوانية مع الإدارة الأمريكية الحالية، التي تسعى عبر الحرب التجارية تارةٌ، وعبر التدخل في منطقة تشيجيانغ (ذات الغالبية المسلمة) تارة أخرى، وأخرها إصدار مشروع قانون حقوق الإنسان والديمقراطية في هونغ كونغ، أن تحجم دور الصين المتنامي على الصعيد العالمي عبر إثارة البلبلة في البيت الداخلي، وهي الطريقة الأمريكية المجربة في تقويض عدة أنظمة حكم في العالم.

وجهت الماكينة الإعلامية الغربية كل طاقتها وتركيزها على منطقة هونغ كونغ في سبيل رفع سوية منسوب الاهتمام العالمي بما تخطط له هناك، وحتى الآن فإن هذا لم يلقَ أيّ صدى لدى دول العالم، بل على العكس أوجد موجة من التعاضد مع الجانب الصيني لحماية استقراره الداخلي، وكما أشار الجانب الروسي عبر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف (إلى أن ما يسمى بالقانون الأمريكي المتعلق بهونغ كونغ هو التدخل الأكثر جسامة في الشؤون الداخلية لدولة أخرى والانتهاك لسيادة الدولة).

هونغ كونغ المدينة الآمنة التي تسمى (لؤلؤة الشرق) أكثر المتضررين من كل ما يجري، فخلال الربع الثالث من هذا العام، انخفض معدل النمو للناتج المحلي الإجمالي للمدينة على أساس سنوي إلى -2.9%، وهو أول انخفاض فصلي على أساس سنوي منذ عام 2009.

وظهر الاستياء داخل المجتمع، فقد عبّر رئيس غرفة تجارة الصادرات والواردات الصينية في هونغ كونغ إلى أن محاولة الولايات المتحدة إصدار هذا القرار هو تدخل وحشي في شؤون الصين الداخلية، وأنه يهدف إلى تغيير مكانة هونغ كونغ كمنطقة جمركية مستقلة وتخريب مزاياها بصفتها مركز تجاري ومالي ومركز نقل بحري في العالم. وأكد دعم الحكومة المركزية لاتخاذ تدابير قوية كردود على ذلك.

تأتي صيغة المشروع لتعزز الصفة التي تحاول أن تظهر بها الولايات المتحدة الأمريكية، كرقيب على دول العالم وهذا يظهر جلياً كما ورد في المشروع: (لابد للإدارة الأمريكية من القيام بالتقييم للحكم الذاتي و للديمقراطية وحقوق الإنسان في هونغ كونغ كل سنة). فكان جواب الجانب الصيني واضحاً بوضوح صيغة المشروع، وجاء عبر استدعاء نائب وزير الخارجية الصيني ليه يوي تشنغ لسفير الولايات المتحدة لدى الصين، وأكد له أن  (شؤون هونغ كونغ هي الشؤون الداخلية للصين، ولا يُسمح لأي حكومة أجنبية أو قوى أجنبية بالتدخل)، مضيفاً إن عزيمة الحكومة الصينية ثابتة لا تتزعزع في حماية السيادة والأمن والمصالح التنموية الوطنية وتنفيذ مبدأ (دولة واحدة ونظامان) ومعارضة تدخل أي قوى خارجية في شؤون هونغ كونغ).

العدد 1102 - 03/4/2024