محو الأمية لا يقتصر على التعليم

ولاء العنيد:

اليوم ذكرى عيد مولدي السابع والخمسون، أصبحت في سن يذبل معه كل شيء أمامي وأطفئ شموع عمري التي كل ما زاد عددها كل ما أوضحت قلة ما بقي لي من السنين، ولكن اليوم وأنا انفخ شموعي لاحظت للمرة الأولى عجزي في قراءة ما كُتب لي من تهاني ومعايدات، وبعد أن ذهب من حولي عدت وحيدة بين جدراني الأربع لا شيء يؤنس وحدتي أو يشغل وقتي الطويل سوى بعض القنوات التلفزيونية التي سرعان ما مللت منها.

هذا ما جعلني أفكر بأنه عليَّ الاستفادة من وقتي بشيء مهم ألا وهو تعلم القراءة والكتابة من جديد، وعندما قررت الذهاب والالتحاق بدورة محو للأمية وجدت من أقاربي من دعمني وشجعني لمثل هذه الخطوة، فتلاشى خوفي من بعض الكلام الذي قد يطرح بسوء نية، كيف أنني وبهذا العمر الكبير قررت التعلم من جديد.

كان الحظ حليفي إذ سجلت بالمركز الثقافي التابع لمنطقة سكني وتابعت مع العديد من زملائي تعلم الحروف وكيفية نطقها الصحيح، واليوم وبعد أشهر قصيرة أصبح بإمكاني القراءة جيداً وكتابة جمل قصيرة سهّلت عليّ التواصل مع الآخرين، وأنقذتني من مأزق كنت سأقع به فريسة سهلة نتيجة جهلي،  إذ حاول بعض أقاربي أن يأخذ توقيعي على أوراق تنازل لملكية منزلي بحجة أنها أوراق بسيطة ستسهل عملية ترميميةز

كان تعلمي للقراءة منقذي الوحيد فلولا ذلك لكنت مرمية خارج داري أعضُّ أصابع الندم بسبب جهلي.

وهنا تكمن الكارثة فقد أصبحت سورية في الحرب تحوي نفوس ضعيفة كثيرة، تحاول استغلال كل ما أمكن في سبيل أن تملأ جيوبها بالمال ولو كان على حساب المحيطين بهم.

لقد لعبت دورات محو الأمية دوراً كبير في إنقاذ الكثيرين ونأمل أن يتم دعم كل الجهات التي تسعى لإبعاد الجهل والأمية في سبيل حماية الناس ونشر العلم والثقافة. حال هذه السيدة كحال الكثيرات اللواتي عانين من قلّة التعليم ووقعن ضحية للجهل.

إن وجود جهات داعمة للمرأة على وجه التحديد وإبراز أهمية التعليم ومحو الأمية دور كبير في مجتمعاتنا فنحن في طور الخروج من حرب غيّرت معالم المجتمع السوري، وأصبحنا بحاجة إلى تنمية اجتماعية شاملة لتنجينا من الأمية في كل شيء وليس فقط من أميّة التعليم، لنحمي بها أطفال هذا الجيل الذي نشأ في الحرب وشاهد ويلاتها وتأثر بها أشد تأثير. فهم حجر الأساس للأيام القادمة وللمستقبل القريب وإن لم نعمل من اليوم كجهات حكومية وجهات تطوعية ومنظمات وجمعيات بيد واحدة لإعادة صياغة حملات تنموية شاملة وتوعوية ضخمة تستهدف قطاع التعليم والقطاع المهني، تمكن الأفراد من تعلم مهن وحرف يدوية تخرج مهنينين وحرفيين وفنيين وكل ذلك سيمكننا من استثمار طاقات أجيال تسعى لمستقبل أفضل.

العدد 1102 - 03/4/2024