صيحة الفجر
موسى الخطيب:
لم يأخذ الصهاينة بحساباتهم العسكرية عندما قرروا اغتيال القائد العسكري في حركة الجهاد الإسلامي (بهاء أبو العطا) والمناضل أكرم العجوري (عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي والموجود في دمشق) بأن الوضع العسكري للمقاومة الفلسطينية قد عَبَرت حالة الركود العسكري منذ عام 2007 وما بعدها، ونامت على أحلام هذا الاعتقاد.
لكن المواجهة بين الطرفين وقيام الصهاينة بغارات عنيفة طالت قطاع غزة بأكمله، فاجئ الصهاينة بأن المقاومة الفلسطينية قد كسرت قواعد الاشتباك السابقة، وأن ليّ ذراعها وكسر عظمها مستحيل، فقد اتضح للصهاينة بأن سرايا القدس هي الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قد أدخلت صاروخاً جديداً إلى الخدمة وهو صناعة فلسطينية خالصة.
وبهذا الحدث العسكري أصبح ذراع المقاومة يطال مدن الصهاينة التي كان العدو يعلن أنها تعيش في مأمن من رشقات الصواريخ الفلسطينية، فقد تلقوا رشقات صاروخية غير معهودة سابقاً مدمرة وقاتلة ويمكن القول بأن هذا الانتصار الناجز قد تحقق لأسباب منها:
* وحدة البندقية الفلسطينية.
* إدارة المعركة بغرفة عمليات موحدة.
* التفاف الشعب الحاضن حولها بالرغم من جور الحصار.
وبعد صمت أزيز الرصاص صرح ليبرمان قائلاً: إن إسرائيل قد خرجت خاسرة من المعركة الأخيرة، وبعد أن فرضت علينا حركة الجهاد الإسلامي حظر تجوال خلال 3 أيام وشلّت الحركة في تل أبيب. وقد كانت النتائج غير المتوقعة من قادة العدو بقبول قادتهم بشروط حركة الجهاد الإسلامي حيث كانت ترفضها سابقاً، وبعد أن أجبر نتنياهو وهو يلهث خلف الوصول إلى تهدئة بعد أن تبين تآكل القدرة العسكرية للصهاينة عن قوة الردع.
1- وقف الاغتيالات.
2- عدم استهداف المتظاهرين في مسيرات العودة.
3- البدء بتنفيذ تفاهمات كسر الحصار عن قطاع غزة.
خلال هذه المعركة وبعدها كان موقف السلطة الفلسطينية موقف المتفرج على الحدث، وكأن هذه المعركة لم تعنها.
لقد كان الشارع الفلسطيني يترقب منها إصدار تعليمات بوجوب وقف التنسيق الأمني مع العدو أو سحب الاعتراف به، وأن شريانها ينبض بالدم، بالرغم أن رئيس السلطة الفلسطينية يمسك بكل خيوط الحالة الفلسطينية، لكن كل ما قدمته هذه السلطة هو إدانة العدوان فقط، وأن التمسك بسياسة المفاوضات مازالت السياسة المقنعة لها، على الرغم أنها سياسة عسيرة الهضم.
إن الشعب الفلسطيني قد صدم بهذه المواقف المخجلة حيث أعطى للتسوية أهمية كبرى وبسبب حرصه على تحقيق تسوية تعفيه من الهم الفلسطيني.
وإن تعاطي الأنظمة العربية ما حدث في غزة لم يكن سوى انسياق هذه الأنظمة إلى الخضوع لتداعيات مفروضة أمريكياً.
كل هذا الغرس العربي الرديء تكشّفت في مجرى إدارة الصراع العربي فيما يشبه الانصراف العربي عمّا كانت قضيتهم المركزية، أي فلسطين وغسل الأيدي من كل ما كان يسمى صراعاً عربياً إسرائيلياً وتحويل هذا الصراع إلى صراع عربي – إيراني، والتعامل مع إسرائيل كشريك والتعامل مع إيران كعدو، اعتماداً على تفجير الصراع الطائفي لفرض هذه المعادلة.
لقد تخلى العرب مبكراً عن خيار إلحاق الهزيمة بالعدو الصهيوني، واختاروا منهج التسوية التي لا تؤمن لهم سلاماً ولا تحقق عدلاً بقدر ما تفرض الاستسلام من جانبهم إلى العدو الصهيوني، وبالتالي تؤدي إلى ضياع حقوق الشعب الفلسطيني.